«الحرب الإقليمية» بين من يتوقعها ومن يستبعدها

«الحرب الإقليمية» بين من يتوقعها ومن يستبعدها

«الحرب الإقليمية» بين من يتوقعها ومن يستبعدها

 صوت الإمارات -

«الحرب الإقليمية» بين من يتوقعها ومن يستبعدها

بقلم - هدى الحسيني

 

في تاريخ الشعوب؛ ومنها هذه في منطقة الشرق الأوسط، هناك أحداث مفصلية تُحدث تغييرات جذرية، وتتفرع منها أحداث أخرى تُسرّع أو تُبطئ التغييرات؛ إنما لا تلغيها. فعلى سبيل المثال، احتلال الكويت كان مفصلياً، وكل ما تلاه من أحداث كان للدفع قدماً بتغيير المنطقة، الذي لا نزال نشهد فصوله اليوم. وهذا ليس ضمن نظريات المؤامرة، التي يحلو لِكُثْرٍ في منطقتنا اللجوء إليها لتفسير الأحداث واستشراف المستقبل، وفي هذا تبسيط مضلل للشعوب. الحقيقة أنها السياسة الدولية التي تقوم على السعي الدائم من الدول نحو اقتناص الفرص، وأحياناً التخطيط لها، لتوسيع النفوذ وزيادة الثروة. ففي احتلال الكويت، إنما الحدث المفصلي كان قرار صدام الخاطئ الهجوم واحتلال دولة عربية. وقد انتهزت الولايات المتحدة ودول التحالف الفرصة السانحة ليستفيدوا من خير العراق والدول العربية عموماً.

ومنذ اجتياح الكويت قبل أكثر من 30 عاماً، شهدت المنطقة كثيراً من الأحداث المفصلية، لعل «طوفان الأقصى» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي كان من أهمها. فلقد وضع هذا الحدث الشعب الفلسطيني وإسرائيل والمجتمع الدولي أمام واقع جديد بعد اقتحام 2500 فلسطيني الحاجز بين غزة وإسرائيل، الذي يُعرف باسم «غلاف غزة»، وسيطرتهم هناك لساعات وخطف 250 من سكان البلدات وقتل المئات، وهذا ما جعل المواجهة بين إسرائيل والفلسطينيين أمراً وجودياً لكلا الطرفين لا مكان فيه للتسوية، فنفذت إسرائيل مجازر راح ضحيتها عشرات الآلاف من الفلسطينيين، ونفذ المستوطنون عمليات تنكيل وقتل في الضفة؛ وتحت أنظار الجيش الإسرائيلي. وقد كثرت التحليلات التي ربطت «طوفان الأقصى» بإيران، ووفق هذه التحليلات، فهي تسعى لتحسين موقعها التفاوضي مع الولايات المتحدة بإمساكها ورقة «حماس» كما تمسك ورقة «حزب الله» -

وقد يكون قد تحقق لها ذلك الآن مع تسلم يحيى السنوار قيادة «حماس» وليس خالد مشعل - ولكن الحقيقة أن الهجوم على «غلاف غزة» كان بتخطيط وتنفيذ «حماس» التي كانت تحضّر له لأكثر من 8 سنوات. وقد حاولت إيران الاستفادة من الحدث بعلاقاتها المميزة مع «حماس» تمويلاً وتسليحاً، إلا إن الواضح أن إيران لن تستطيع المساهمة في وقف إطلاق النار؛ فبنيامين نتنياهو وبتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير ومن يلفّ لفّهم، يريدون القضاء على «حماس» بالكامل، ومن ثم إفراغ غزة من أهلها. وقد روى الكاتب الأميركي توم فريدمان أن سموتريتش وبن غفير يريدان تهجير ثلثي سكان الضفة إلى الدول العربية المجاورة بعد الانتهاء من غزة، فكيف لإيران أو أي دولة أخرى أن تؤثر على هذا الفكر المجنون الأرعن؟ هذه الزمرة لن يثنيها عمّا تخطط له حتى ضغوط راعي إسرائيل الأول؛ الولايات المتحدة. هؤلاء تتملكهم عقدة «مسعدة (الماسادا)»، وهي القلعة المطلة على البحر الميت التي لجأ إليها اليهود عام 73 للميلاد هرباً من سبي وتنكيل الروم، وتقول الرواية إنهم أقفلوا مداخل القلعة وأضرموا النار وماتوا جميعاً حرقاً لكيلا يستسلموا للروم.

«طوفان الأقصى» حادث مفصلي لجأ فيه الفلسطينيون إلى «أنفاق مسعدة» يحاصرهم الإسرائيليون كما فعل الروم بأجدادهم.

الآن؛ ماذا ستفعل إيران؟

أصبح من الواضح اليوم أن الردع في البلاد في عصره الأدنى استقراراً. إيران في معضلة صعبة؛ حيث يوجد، من ناحية، خطر الدخول في حرب واسعة النطاق، ومن ناحية أخرى خطر الانتهاك الدائم للأمن الداخلي من قبل القوات الأجنبية.

أولئك الذين هم على دراية بمبادئ «التحقق والمحايدة» في مسائل الأمن والمعلومات يعرفون جيداً أنه عندما تريد شخصية محددة مثل(إسماعيل هنية) التحرك، فإن سائق السيارة الذي يأخذ تلك الشخصية يجب ألا يعرف من يجلس في سيارته. حتى مسؤولو السكن الذين سيصطحبون مثل هذا الشخصية يجب ألا يعرفوا متى يريد المجيء إلى هناك لبضع ليالٍ، وربما من اللحظة التي «تفتح فيها الشخصية مظلتها» (أي يذهب إلى البلاد ويتولى فريق الأمن أمره) حتى اللحظة التي يغلقها فيها ويغادر، يجب ألا يكون أشخاص مثل السائق ومدير السكن وحراس الأمن والفريق كله عرفوا من هو، وذلك لحماية الشخصيات مما إذا كان أحدهم خائناً.

في حالة هنية قيل إنه كانت هناك قنبلة في تلك الغرفة قبل شهرين؟ السؤال الآن ليس حول صحة الأمر؛ لأن معلومات إيرانية ذكرت أن السلطات هناك ومنذ سنتين خصصت ذلك المكان له؛ ليشعر أنه في بيته في طهران. وإذا كان هذا صحيحاً، فإنه فشل أمني كبير. إن الأمر ينطبق على «حزب الله» أيضاً، فكما تردد، فإن فؤاد شكر كان قد مضى عليه نصف ساعة قبل أن تستهدفه إسرائيل في بيته، ويقال إن «حزب الله» يشن حملة اعتقالات في صفوفه.

وتهدد إيران بالرد، ويهدد «حزب الله» بأنه سيرد، وتطلب كل السفارات من مواطنيها مغادرة لبنان... لماذا لبنان فقط وليس إسرائيل وإيران أيضاً؟ وحتى سوريا والعراق؟ هل اتفقوا على أن الحرب «الإقليمية» يجب أن تتوسع من جنوب لبنان إلى كله؟ إذا كان هذا ما سيحدث، فعلينا جميعاً أن نقول: شكراً «حزب الله».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الحرب الإقليمية» بين من يتوقعها ومن يستبعدها «الحرب الإقليمية» بين من يتوقعها ومن يستبعدها



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا

GMT 07:51 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019

GMT 14:09 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تعود لإحياء الحفلات في مصر وتلتقي بجمهورها

GMT 10:49 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"تويوتا" تعدل أحدث نموذج من سيارتها التي يعشقها الملايين

GMT 06:15 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

هاني سلامة يفقد الذاكرة في مُسلسله الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates