من حكومة مدنية الى عسكرية

من حكومة مدنية... الى عسكرية؟

من حكومة مدنية... الى عسكرية؟

 صوت الإمارات -

من حكومة مدنية الى عسكرية

طارق ترشيشي
بقلم - طارق ترشيشي

بعد تسلّم الرئيس الاميركي جو بايدن مقاليد الرئاسة الاميركية وما عُقد عليه من توقعات وآمال تتصل بمستقبل لبنان، تتنوع السيناريوهات وتتعدّد حول مصير الاستحقاق الحكومي، لتتقاطع على انّ آوان إنجازه لم يحن بعد، وذلك بعدما كان البعض يوحي بثقة أنّه سيُنجز مع دخول بايدن البيت الابيض.

اول السيناريوهات يقول، انّ ولادة الحكومة ستكون اولى ثمار حوار ومفاوضات ستحصل قريباً بين الولايات المتحدة الاميركية وإيران، لإنتاج اتفاق نووي بصيغة منقّحة للاتفاق الذي خرجت منه واشنطن ايام الرئيس دونالد ترامب، متفرّدة بهذه الخطوة عن بقية الدول التي كانت وقّعته مع ايران عام 2015.

ولكن المتشائمين يقولون، انّ لبنان يقع في آخر لائحة القضايا الخارجية التي ستتصدّى لها ادارة بايدن، بعد التفرّغ من معالجة القضايا الداخلية الاميركية. ويقول هؤلاء، انّه «لن يتغيّر شيء في ما هو قائم، ولن يزداد شيء ولن ينقص شيء ولا حكومة ستولد قريباً، والسبب انّ بايدن ومستشاريه يتوقعون ان تتحسن العلاقات الاميركية ـ الإيرانية، ولن تسوء اكثر مما كانت عليه من سوء ايام ترامب، وانّ الاهتمام سينصّب على إجراء حوار ومفاوضات مع طهران، للتوصل الى اتفاق جديد، على رغم ضبابية الأجواء الاميركية إزاء سوريا ومصر وتركيا والسعودية وغيرها. وفي اعتقاد البعض، إنّ سياق البحث في الملف النووي الايراني بين واشنطن وطهران، قد يفرض حصول نوع من التفاهم بينهما في لبنان، في حين انّ الوضع في سوريا لن يكون كذلك، حيث يشعر الأكراد الآن بوجود تحوّل في الموقف لمصلحتهم على الساحة السورية، فيما يوطن الروس انفسهم على التعايش مع ازمة طويلة في البلاد السورية، في ضوء التفاوض الايراني ـ الاميركي المرتقب.

ويشير البعض في هذا السياق، الى تصريحات بايدن الاخيرة، حيث وصف فيها روسيا بأنّها عدوّة للولايات المتحدة، واتُهمت بالتدخّل في الانتخابات الاميركية. ويضيف هؤلاء، انّ الموقف الاميركي يمكن تصويره بالآتي: تسهيل وانفتاح إزاء ايران في مقابل تشدّد في سوريا، التي ينتشر فيها نحو 2000 جندي اميركي في المناطق الكردية، مع تسجيل دخول قوافل عسكرية اميركية الى سوريا عبر الحدود العراقية. اما في لبنان، فيُنتظر ان يسود هدوء يمكن ان يعود معه الوضع الى ما كان عليه ايام الرئيس السابق باراك اوباما، ويرجح ان ينعكس ذلك في مطاوي كلمة لوزير الخارجية الاميركية اليوم امام مجلس الشيوخ، الذي سيسائله عن السياسة الاميركية تجاه الشرق الاوسط ومن ضمنه لبنان.

وفي هذا السياق، يتحدث اصحاب السيناريو المتفائل عن وجود «تقاطع مصالح» بين واشنطن وطهران على ترسيخ تهدئة في لبنان، تتزامن مع حديث عن تسهيل اميركي للمبادرة الفرنسية. فيما يتوقع بعض المطلعين في هذا الصدد ان يتظهر جانب من هذا المشهد في الخطاب السياسي لـ»حزب الله» وحلفائه في قابل الايام. ويقول هؤلاء، انّ الايرانيين قرأوا في الكلام الاميركي ما يصبّ في اتجاه وقف الحرب في اليمن، وعن الرغبة في المفاوضات مع ايران «في الملف النووي وغير النووي»، ما يمهّد لتفاهم بين الجانبين، وما يشير في الوقت نفسه الى انّ اياً منهما لن يُزعج الآخر في لبنان.

ومن هنا يمكن فهم رغبة رئيس الجمهورية ميشال عون في استمرار التفاهم مع «حزب الله»، لما يؤدي من مردود في السياسة. ولهذه الاسباب يتصلّب رئيس «التيار الوطني الحر» ولا يغيّر في موقفه، ما يشير الى انّ هذا الموقف سيستمر تحت مظلة تفاهم اميركي ـ ايراني حول لبنان.

ولكن في المقابل، فإنّ الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة سعد الحريري، لن يغيّر هو الآخر موقفه في إطار موضوع التأليف الحكومي وخارجه، كذلك لن يكون في وارد تغيير هذا الموقف، لأنّ هناك ضغطاً شعبياً عليه، سواء على مستوى حلفائه أو على مستوى البيئة التي ينتمي اليها، فضلاً عن مراعاته وعدم خروجه على تفاهمات اقليمية حصلت وتحصل وتمتد من الخليج الى مصر وفرنسا.

لذلك، وفي ضوء هذه المعطيات، يستبعد كثيرون ولادة حكومة في هذه المرحلة، ويستدلون الى ذلك من موقف رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، الذي يكرّر دعوته الحريري الى الاعتذار وترك الساحة للإكثرية «لتقلّع اشواكها بأيديها».

وإلى هذه المعطيات، يتحدث البعض عن وجود تحول في الموقف على مستوى لبنان والمنطقة، قسم منه يتصل بتفاهم اقليمي اميركي ـ ايراني. إذ في الوقت الذي تضغط واشنطن على النظام السوري، سيكون من الصعب على الايراني ان يعطي الاميركي شيئاً في لبنان. وكذلك في الوقت الذي تضغط واشنطن على النظام من بوابتي الحسكة والقامشلي وبقية المناطق الكردية، قد يكون مستبعداً ان تبادر طهران بأي شيء إزاء الإستحقاق الحكومي في لبنان.

ويقول البعض، انّ الاسرائيليين، في حال حصول تفاهم اميركي- ايراني في لبنان، يفضّلون ان لا يكونوا خارج هذا التفاهم. اما التفاهم بين واشنطن وطهران في سوريا، فإنّ الاسرائيليين يرون فيه ما يقوّي أيدي الإيرانيين في سوريا، ولذلك تتحرّك تل ابيب هذه الايام بقوة في اتجاه روسيا.

ولكن، في الوقت الذي تستعد اسرائيل لانتخاباتها التشريعية في آذار المقبل، فإنّ الايراني يتعامل مع الاستحقاق الاسرائيلي بالطريقة التي تعامل فيها مع الاستحقاق الاميركي. فهناك تجنّب الصدام مع الاميركي، منتظراً سقوط ترامب، والآن يتجنّب الايراني الردّ على الاستفزازات الاسرائيلية له في سوريا، لتمرير الوقت، متوقّعاً سقوط نتنياهو بعد سقوط ترامب.

أما السيناريو الثاني الذي يدور الحديث عنه في دوائر ضيّقة او مغلقة، فيقول بتأخّر ولادة الحكومة الى الربيع المقبل، حيث تكون البلاد عندها على مسافة سنة من استحقاق الانتخابات النيابية في ايار 2022. وفي هذه الحال سيسقط شعار الانتخابات المبكّرة لدى البعض، ويبدأ الحديث عن تأليف حكومة للانتخابات بدلاً من حكومة الاختصاصيين، بحيث تتولّى إعداد قانون انتخابي جديد (هذا في حال تقرّر نهائياً الخروج من الاتفاق النافذ) ولا يترشح رئيسها واعضاؤها للإنتخابات. ومثل هذا الامر اذا تحقق، لن يكون في مقدور حكومة انتخابات تحقيق الإصلاحات التي يفرضها الانهيار الذي تعيشه البلاد ويطالب بها المجتمع الدولي بإلحاح. وفي هذه الحال، لن يُعرف ما سيكون عليه مصير البلاد التي تعيش انهياراً مالياً واقتصادياً ومعيشياً.

لكن بين السيناريوهين الاول والثاني، هناك سيناريو يدور الحديث عنه في بعض الغرف المغلقة، وهو انّ البلاد قد تصل الى انهيار شامل يفرض التصدّي له بـ»حكومة عسكرية انتقالية» تتولّى في غضون 6 أشهر اجراء الإصلاحات المطلوبة ووضع قانون انتخاب جديد، تُجرى في ضوئه انتخابات مبكّرة، بحيث يُنتخب مجلس نيابي جديد، ينتخب بدوره رئيس جمهورية جديداً، وتُؤلف حكومة تسير على النهج الإصلاحي الذي تكون الحكومة العسكرية قد أرست مداميكه الاولى.

ويقول المروّجون لهذا السيناريو، انّ الوصول الى هذه الحكومة سيكون في خضم فتح ملفات الفساد الذي ارتكبته شرائح واسعة من هذه الطبقة السياسية على مدى عشرات السنين والى الآن. ويدعو هؤلاء الى التوقف ملياً عند دخول القضاء السويسري حالياً على هذه الملفات، من بوابة مصرف لبنان، في ظل الحديث عن تجميد حسابات سياسيين لبنانيين في الخارج، قد يكون اول الغيث في اتجاه استعادة الاموال المنهوبة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من حكومة مدنية الى عسكرية من حكومة مدنية الى عسكرية



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 17:02 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

احذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 14:09 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

تبدأ بالاستمتاع بشؤون صغيرة لم تلحظها في السابق

GMT 21:27 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الاضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 17:31 2015 الخميس ,29 كانون الثاني / يناير

عملية قذف النساء أثناء العلاقة الجنسية تحير العلماء

GMT 04:40 2015 الثلاثاء ,31 آذار/ مارس

اختاري أفضل العطور في ليلة زفافكِ

GMT 00:04 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

هدف ثالث لفريق برشلونة عن طريق فيدال

GMT 09:12 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

لامبورجيني أوروس 2019 تنطلق بقوة 650 حصان ومواصفات آخرى مذهلة

GMT 20:46 2014 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

"الكتاب" يوجه التحية إلى سلطان لرعايته معرض الشارقة

GMT 14:58 2016 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

البصري يطالب "المركزي" العراقي بالحدّ من منح إجازات مصرفية

GMT 02:08 2016 السبت ,16 إبريل / نيسان

اختاري عطرك بحسب شخصيتك

GMT 10:38 2013 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

بروتوكول لإنشاء محطة لتحلية مياه البحر بقيمة 200 مليون جنيه

GMT 23:49 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

تتويج السوري عمر خريبين كأفضل لاعب في آسيا لعام 2017

GMT 11:51 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ماكرون يشيد بجهود شما المزروعي في دعم الشباب

GMT 03:12 2016 الأربعاء ,13 إبريل / نيسان

كعكات الموز والشوفان الصحية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates