باسيل المُعرقِل الأول والأخير

باسيل "المُعرقِل الأول والأخير"؟

باسيل "المُعرقِل الأول والأخير"؟

 صوت الإمارات -

باسيل المُعرقِل الأول والأخير

طارق ترشيشي
بقلم - طارق ترشيشي

منذ سقوط الرئيس الاميركي دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية، يكثر الحديث يومياً عن حرب او حروب ستشهدها المنطقة، على قاعدة أنّ ترامب يريد الإيفاء بما وعد به حلفاءه، وكان يؤجّله الى ما بعد فوزه المفترض في الانتخابات، فإذ به بعد سقوطه يجد نفسه ملزماً بالإيفاء بها قبل خروجه من البيت الابيض في 20 كانون الثاني المقبل. فهل المنطقة مقبلة فعلاً على حروب من هذا النوع خلال الاسابيع القليلة المتبقية من ولاية ترامب؟

ديبلوماسيون مطلعون على السياسة الاميركية ومتتبعون للاوضاع في المنطقة والمواقف الاقليمية والدولية منها، يرون انّ «المنطق يقول ان لا خيارات عسكرية سيعمد اليها ترامب في الهزيع الاخير من ولايته، فهو جمع قبل اسبوع أركان الامن القومي، واستمزجهم الرأي في ضرب مفاعل «ناتنز» النووي الايراني، فردّوا ناصحينه بصرف النظر عن هذه العملية غير المعروفة العواقب».

لكن هؤلاء المطلعين يرون، انّ ترامب في حالته النفسية الصعبة التي يعيشها بعد سقوطه في الانتخابات، قد يُقدم على خيارات عسكرية، الّا انّ القريبين منه يحاولون تهدئته، ويبدو انّهم نجحوا في اقناعه بعدم الدخول في حرب في المنطقة، خصوصاً أنّه كان وعد ايام حملته الانتخابية بسحب الجيوش الاميركية من العالم، وهو كان خفّض عديد هذه الجيوش في افغانستان والعراق، ما دلّ الى أنّه ينسحب ولن يدخل في حروب جديدة.

ما يفعله ترامب، يقول هؤلاء، هو أنّه يحاول تحدّي ايران وتهديدها، وتلاقيه في هذا التحدّي اسرائيل، المدركة ضمناً انّها لا تستطيع الذهاب الى حرب ضدّ ايران بلا دعم الاميركي، علماً انّها ذاهبة الى انتخابات جديدة لا تفيدها فيها اي حروب، خصوصاً ضدّ الجمهورية الاسلامية الايرانية التي رغم اغتيال احد علمائها النوويين الكبار محسن فخري زادة، لا ترى مصلحة لها الآن في اي حرب، حيث انّها تنتظر تولّي الرئيس الاميركي الجديد جو بايدن مقاليد الرئاسة الشهر المقبل، لأنّه يريد التفاوض معها، كونه كان مهندس الاتفاق النووي معها عام 2015، قبل ان يخرج ترامب منه قبل أكثر عامين.

ويذهب بعض هؤلاء الديبلوماسيين الى القول، انّ احتمالات نشوب حرب في المنطقة هي بنسبة 5%. ولكن الاعتقاد الراجح في المقابل، هو ان لا مصلحة لترامب ولا لاسرائيل، التي تستعد لانتخابات جديدة، في شن حرب قد تدفع فيها أثماناً كبيرة. علماً انّ ايران التي انتظرت طويلاً فوز بايدن، لن تذهب الى هذه الحرب التي خطرت ببال ترامب في لحظة ما.

وماذا عن مستقبل الوضع اللبناني في ضوء قرار المجلس النيابي بالتدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان وكل الوزارات والادارات العامة والمصالح المستقلة والبلديات؟

يجيب المطلعون على الموقف الغربي عموماً من الاوضاع في لبنان، أنّ هذا التدقيق لن يحصل، لأنّه اذا كان سيشمل حسابات مصرف لبنان ومختلف الوزارات والادارات العامة، فإنّ نتيجته سيأتي بألفي متهم على الاقل من الطبقة السياسية الى المحاسبة. وانّ الاميركيين والفرنسيين يدركون انّ مثل هذا الامر اذا حصل سيؤدي الى تغيير جذري في الدولة والسلطة. لذلك يقفون الآن حائرين متسائلين عمّا يمكنهم ان يفعلوه في هذا الصدد. فعلى رغم من تسريباتهم معلومات في الاعلام الغربي وحتى العربي عن فساد هذا وذاك من المنظومة السياسية في لبنان، لم يتخذوا حتى الآن اي قرار عملي في ظلّ الاعتقاد العام السائد انّ لديهم ملفات فساد لهذه المنظومة لا تُعدّ ولا تُحصى. إلا انّ ما يقومون به، انّهم من حيث المبدأ يدفعون في اتجاه ان يتمّ تأليف حكومة جديدة مضمونة وموثوقة، يمكن ائتمانها على المساعدات الدولية حتى لا يقع لبنان في المحظور.

وفيما يبدو الداخل اللبناني منقسماً حول طبيعة الحكومة الجديدة، فإنّ رئيس الجمهورية ميشال عون بدأ يلمّح الى امكان تعويم حكومة الرئيس حسان دياب المستقيلة، عبر توسيع النطاق الضيّق لتصريف الاعمال الذي تمارسه، وذلك في حال ظلّ تأليف الحكومة الجديدة متعذراً.

وفي المقابل، ينفي مطلعون على الموقف الاميركي ان تكون واشنطن هدّدت الرئيس المكلّف سعد الحريري بفرض عقوبات عليه في حال عيّن وزراء لـ»حزب الله» او من يسمّيهم في الحكومة، مدرجين هذا الامر في سياق التنافس على تقاسم توزيعة التشكيلة الوزارية الجديدة.

الاميركيون يساندون الفرنسيين الى حدّ كبير في مبادرتهم لحلّ الازمة اللبنانية، حسب الديبلوماسيين المواكبين لمواقف الطرفين. لكن اهتمام واشنطن الاساسي يتركّز على ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل من جهة، وضمان عدم انهيار لبنان كلياً من جهة ثانية، لأنّ لا مصلحة اميركية استراتيجية في ذلك. أما الفرنسيون فهم ايضاً يحرصون ويعملون على منع انهيار لبنان، ولكنهم في الاساس مهتمون بضمان موطئ قدمهم في لبنان، لأنّه لم يعد لديهم غيره في ساحة الشرق الاوسط. ويسود خلاف فرنسي ـ اميركي حول مقدار حصّة «حزب الله» وحلفائه في الحكومة العتيدة، ولكن هناك حواراً مستمراً بين الجانبين في هذا الصدد، لأنّ هذا الخلاف ليس كبيراً. ففيما الفرنسيون يتفهمون طبيعة الوضع اللبناني وخصوصيته وواقع «حزب الله» فيه كفريق سياسي وازن، فإنّ الاميركيين في الوقت نفسه يدركون انّه لا يمكن الغاء الحزب في اي معادلة سياسية او حكومية لبنانية، خصوصاً انّه يحظى بتأييد الغالبية الشيعية في لبنان، وبالتالي لا يمكنهم الذهاب بعيداً في الموقف الداعي الى عدم مشاركته في الحكومة، وسيقبلون في النهاية بـ»حل وسط»، لادراكهم أنّ أي حكومة ستخضع لتأثير القوى السياسية عليها بنسب متفاوتة من هنا ومن هناك، ولكنهم يريدون لهذه الحكومة «ان تضمن عدم التفريط بأي مساعدات دولية جديدة للبنان» حسب المطلعين انفسهم.

ويكشف سياسيون، انّ بعض العواصم الغربية بعثت برسائل مباشرة وغير مباشرة الى «حزب الله» وحلفائه وأفرقاء آخرين، تفيد انّ الولايات المتحدة الاميركية وحلفاءها سيلومونهم ويحمّلونهم المسؤولية عن التأخير في تأليف الحكومة الجديدة، لأنّهم يدعمون موقف رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، الذي تعتبره واشنطن «المعرقل الأول والأخير» لولادة الحكومة»، والمتسبب بتعثر مفاوضات ترسيم الحدود البحرية، وذلك كردة فعل منه على العقوبات الاميركية التي فُرضت عليه. ويقول هؤلاء السياسيون، انّ حلفاء باسيل يتفهمون موقفه من جهة، ولكنهم في الوقت نفسه يرغبون في أن تحصل حلحلة في موضوع التأليف، بما يؤدي الى ولادة الحكومة في وقت ليس ببعيد. ولكن كل المؤشرات تدل الى الآن انّ هذا الملف كان ولا يزال يتقلّب من عقدة الى أخرى ومن فشل الى آخر، وذلك الى أجل غير معلوم...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

باسيل المُعرقِل الأول والأخير باسيل المُعرقِل الأول والأخير



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 18:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 صوت الإمارات - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 صوت الإمارات - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 صوت الإمارات - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 صوت الإمارات - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 18:09 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

تصميمات مختلفة لسلاسل من الذهب رقيقة تزيدك أنوثة

GMT 11:26 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

الصين تتسلم الدفعة الأولى من صواريخ "أس-400" الروسية

GMT 16:28 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

تسمية بافوس القبرصية عاصمة للثقافة الأوروبية

GMT 18:36 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 12:16 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تجنّب أيّ فوضى وبلبلة في محيطك

GMT 17:14 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

بن راشد يُصدر مرسوماً بضم «مؤسسة الفيكتوري» إلى نادي دبي

GMT 01:20 2019 السبت ,20 تموز / يوليو

نبضات القلب المستقرة “تتنبأ” بخطر وفاتك!

GMT 02:41 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

"الفاتيكان" تجيز استئصال الرحم من المرأة لهذا السبب فقط

GMT 23:19 2013 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

"Gameloft" تستعرض لعبة "Asphalt"بهذا الصيف

GMT 13:12 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

معرض الكتاب الكويتي منصة متميزة لأصدارات الشباب الأدبية

GMT 09:48 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

الإذاعة المِصرية تعتمد خِطة احتفلات عيد "الأضحى"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates