قرن البولندي العظيم الجزء 1

قرن البولندي العظيم (الجزء 1)

قرن البولندي العظيم (الجزء 1)

 صوت الإمارات -

قرن البولندي العظيم الجزء 1

بقلم : سمير عطا الله

كان إدوارد سعيد يحب فلسطين ويكره إسرائيل. وكان فؤاد عجمي لا يكره فلسطين ولا يحب أميركا. وكانا يكرهان بعضهما بعضاً. وبلا حدود كانا منبهرين بآداب جوزيف كونراد، البولندي الأوكراني، الذي أصبح إحدى منارات الأدب الإنجليزي في القرن العشرين، وحتى الآن.

كان فؤاد عجمي بأسلوبه الجزل، والبعد الجنوبي الذي رافقه طوال عمره، يرى في كونراد شعور الغربة الذي يسكنه. وكان يتذمر دائماً من أن اللبنانيين مارسوا عنصرية شديدة عندما لقّبوا عائلته بالعجم. إشارة إلى أصولها الإيرانية. وهكذا، وجد في ملاذه الغريب الأخير كونراد. وفيه وجد الفلسطيني المبعد «خارج المكان» إدوارد سعيد.

في مرور مائة عام على غياب البولندي العظيم، لا بد للجميع من تذكره، خصوصاً مرضى الشعور بالغربة في سائر الأزمنة والأمكنة.

كانت الأشهر الأخيرة من حياة جوزيف كونراد صعبة بشكل خاص. ففي نوفمبر (تشرين الثاني) 1923، أعلن الكاتب نفسه «شخصاً يائساً، متهالكاً، متعثراً، مرتجفاً، مصاباً بالنقرس». ووجده النحات جاكوب إبستين حزيناً، متعباً، «منهكاً».

وكتب كونراد إلى صديق له: «لم أكن بخير منذ فترة طويلة، ومنذ اللحظة الأولى، بدأت أشعر وكأنني فأر محاصر».

في الأول من أغسطس (آب) 1924 أصيب بنوبة قلبية في منزله في كينت، وتم استدعاء طبيب وأفراد من أسرته إلى سريره: وبعد يومين سمعت زوجته جيسي صرخة في الغرفة المجاورة، أعقبها صوت انهيار. لقد توفي كونراد وحيداً عن عمر يناهز 66 عاماً.

بعد مرور قرن على وفاة كونراد، لا تزال قصصه، التي تدور أحداثها في أعالي البحار، والدراما المشحونة سياسياً، التي تدور أحداثها على اليابسة، تتمتع بالقدرة على أسْرنا وإثارة حماسنا. وإذا نظرنا إلى أعماله مع وضع وفاته في الاعتبار، فإننا نتذكر كم كان الكثير منها مهجوساً بالموت.

ففي رواية «قلب الظلام» (1899)، بعد وفاة كورتز محاطاً بالموت. رؤوس مقطوعة منكمشة على أعمدة. يعترف مارلو، الشخصية الخيالية البديلة لكونراد: «لقد صارعت الموت». في رواية «العميل السري» (1907)، يتجول الإرهابي الأناركي المعروف باسم «الأستاذ» في شوارع لندن، حاملاً قنبلة في جيب معطفه، مدركاً أنه يتفوق على السلطات التي «تعتمد على الحياة»، «بينما أعتمد أنا على الموت، الذي لا يعرف أي قيد، ولا يمكن مهاجمته».

إلى اللقاء...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قرن البولندي العظيم الجزء 1 قرن البولندي العظيم الجزء 1



GMT 02:02 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الثرثار الرائع

GMT 02:01 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

مَن يخبر الناس؟ الصحافة أم مشاهير السوشيال ميديا؟

GMT 02:00 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أزمة السودان وخطاب الإقصاء

GMT 01:59 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

للمرة الأولى بعد «الطائف» هناك فرصة لبناء الدولة!

GMT 01:59 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

«قيصر» وضحايا التعذيب في سوريا

GMT 01:58 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

... مستنهِض الضاد

GMT 01:57 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

طرق معبّدة نحو ألماس الدم

GMT 01:57 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

عالم جديد جداً

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 19:24 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الميزان السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 17:12 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

إطلالات ساحرة باللون الأحمر لسفيرات "أوميغا"

GMT 15:06 2016 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

معرض "فن كاليفورنيا" يفتتح في مؤسسة "آرت هاب"

GMT 09:50 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

الفنانة ريهام عبدالغفور توضح سر انسحابها من مسلسل الزيبق

GMT 15:40 2017 الثلاثاء ,11 تموز / يوليو

نصائح مختلفة من أجل علاقة دائمة مع شريك حياتك

GMT 10:41 2017 الأربعاء ,15 شباط / فبراير

ماسك الباذنجان بالزبادي

GMT 13:48 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

رودريغيز يتحدث عن علاقته بمدربه الحالي والسابق
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates