الحرب بعوض وخنادق

الحرب بعوض وخنادق

الحرب بعوض وخنادق

 صوت الإمارات -

الحرب بعوض وخنادق

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

كانت السينما في الستينات والسبعينات وقبلها حتى أيام الأفلام الصامتة، تعني اسماً واحداً ومدينة واحدة: هوليوود. وكانت الأفلام في معظمها ذات موضوعين: الغرب الأميركي ورعاة البقر والهنود الحمر، أو الحرب العالمية الثانية وبطولات الجندي الأميركي على الألماني الفظ والياباني المتوحش، الذي لم يروض إلا بقنبلتين ذريتين.
كان يمثل أفلام الحرب أفضل الممثلين وأجمل الممثلات. الطبيب وسيم بلباسه الطبي الأبيض، والممرضة هيفاء في ثوبها المهفهف، وحتى الجرحى المحمولين على محفات، يضعون ضمادات بالكاد عليها آثار دماء.
وعشقت الناس حول العالم أفلام الكاوبوي قاتل الأشرار، والجندي الأميركي بطل المعارك، براً وبحراً وجواً. ومن ثم ظهرت صناعة سينمائية جديدة في إيطاليا عرفت بـ«السينما الواقعية». وصارت إيطاليا تنتج فيلم الكاوبوي بربع كلفته في هوليوود: «أبطال» غير معروفين، مثل كلنت إيستوود في بداياته، وخيول أقل، ولا ضرورة لقطعان البقر. تكفي المنازلة بالمسدسات.
أما الحرب فتغير مشهدها تماماً. خنادق خانقة وجنود خائفون غارقون بالمطر والوحل والعواصف، ورقيبهم العسكري فظ، ووحدتهم قاتلة ورفاقهم يسقطون أمامهم، ومؤنهم لا تصلهم، وموت وبعوض وذباب وخلافه. الشيء الوحيد الذي لم تستطع السينما الواقعية نقله إلى المشاهد من الشاشة، هو الروائح.
غيرت السينما الحقيقية النظرة إلى الحرب. وأرغمت هوليوود على أن تصبح أكثر واقعية وأقل ادعاء. وصرنا نرى الجندي الأميركي هو أيضاً يخسر ويجوع ويكتب رسائل الشوق إلى أهله وزوجته. وبدأت هوليوود في إنتاج أفلام مختلفة تماماً، يضعف فيها الضابط المعتقل، ويتواطأ مع العدو. فالحرب، كما قال الفرنسيون في ذلك التبسيط الشهير، «هي الحرب». وتصنعها عادة مكبرات الصوت والصحف والإذاعات وطبول الكره، أكثر من المدافع والدبابات. وبين يوم وآخر تنقلب شعوب بأكملها من المودة إلى القتل والإبادة. والأسوأ من حروب الجيران حروب الأهل. تفيق ذات صباح لتسمع أن السلاح يوزع على الأشقاء وأبناء العم. وبكل غباء يلتحقون فوراً بغزيرة الحقد والحسد، بعد أن يخلعوا العقل من رؤوسهم كمن يخلع حذاء أو جورباً.
منذ سنوات طويلة توقفت هوليوود عن إنتاج نوعين من الأفلام: الكاوبوي والحرب. والآن كلما لمحت على التلفزيون فيلم كاوبوي قديماً أتوقف قليلاً لكي أتبين سخافة صنعه وتصويره وتمثيله. وأضحك وأضحك وأضحك. من ذلك الشاب الذي كان يقف في الطابور لمشاهدة «بطله» المفضل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحرب بعوض وخنادق الحرب بعوض وخنادق



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 10:18 2016 الخميس ,13 تشرين الأول / أكتوبر

كارينا كابور في إطلالة رشيقة مع أختها أثناء حملها

GMT 15:51 2019 الإثنين ,13 أيار / مايو

حاكم الشارقة يستقبل المهنئين بالشهر الفضيل

GMT 15:56 2018 الجمعة ,27 إبريل / نيسان

"الديكورات الكلاسيكية" تميز منزل تايلور سويفت

GMT 12:03 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

قيس الشيخ نجيب ينجو وعائلته من الحرائق في سورية

GMT 11:35 2019 الخميس ,09 أيار / مايو

أمل كلوني تدعم زوجها بفستان بـ8.300 دولار

GMT 08:09 2019 الأربعاء ,09 كانون الثاني / يناير

محمد صلاح يُثني على النجم أبو تريكة ويعتبره نجم كل العصور

GMT 19:44 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

"شانيل" تبتكرُ قلادة لؤلؤية بطول 60 قدمًا

GMT 16:32 2018 الجمعة ,28 أيلول / سبتمبر

كنيسة قديمة تتحول إلى منزل فاخر في جورجيا

GMT 16:59 2018 الثلاثاء ,10 تموز / يوليو

جاكوبس تروي تفاصيل "The Restory" لإصلاح الأحذية

GMT 17:32 2013 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

مقتل صاحب إذاعة موسيقية خاصة بالرصاص في طرابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates