البداية تغريدة إلى الجميع

البداية تغريدة إلى الجميع

البداية تغريدة إلى الجميع

 صوت الإمارات -

البداية تغريدة إلى الجميع

سمير عطا الله
بقلم: سمير عطا الله

يبدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يوم الثلاثاء، زيارة رسمية للبنان احتفالاً بمرور مائة عام على اليوم الذي أعلنت فيه فرنسا دولة لبنان الكبير، قبل أن تمنحه الاستقلال عام 1943. سمي يومها الكبير، لأنه حل محل «جبل لبنان» التاريخي، وتم ربط الساحل بالجبل، وأقيمت دولة قابلة للحياة والاستمرار، لها ميناؤها الذي يصلها بالعالم، وسهل البقاع الذي يحميها من المجاعة التي ضربتها عام 1916، وقضت على نصف سكان لبنان مثل الطاعون.
يبدأ ماكرون هذه الزيارة الرمزية بزيارة لفيروز في منزلها العائلي. وكان قد ختم خطابه خلال زيارته الأولى بعد انفجار المرفأ، بأن ردد بالعربية عنوان أغنيتها «بحبك يا لبنان/ يا وطني بحبك».
لماذا بداية الزيارة من عند فيروز؟ لأنها الرمز الوحيد اليوم لوحدة لبنان. كل شيء آخر من رئاسات ومؤسسات وأحزاب، رموز لشرذمته وتفككه ووقوفه على حافة الزوال، كما قال وزير خارجية فرنسا. خلال مائة عام، لم يتفق اللبنانيون، إلا على فيروز. ومعها فقط التقوا حول الرموز المحيطة بوجود لبنان. هي من غنت لمكة، والشام، وهي من غنت للقدس، وهي من أنشدت في بداياتها للفلسطينيين، «سنرجع يوماً إلى حينا... سنرجع مهما يمر الزمان».
فيروز هي لبنان الذي كان، بعكس لبنان الذي عجز في أن يكون. حلقت فوق الطوائف والأحزاب والأحقاد والصغارات. غنت للجميع ورفضت أن تغني لأي فرد. ومثل زهرة بنفسج ظلت متوارية خلف تواضعها المسّور مثل جدار الصين. ومثل البنفسج أخفت أحزانها وأشجانها حتى انطبقت عليها رائعة صالح عبد الحي، التي لم تزحها رائعة أخرى: «ليه يا بنفسج بتبهج وانتَ زهر حزين».
لبنان ليس شيئاً آخر. هو تغريدة العرب ونقطة التقائهم بالحضارات الأخرى والتقائهم ببعضهم البعض. فرادته لم تكن في حجمه، وأهميته ليست في عدد سكانه، بل فيما يمثلون من تعددية وتنوع وحوارات. هذا هو الوجه الذي يزول الآن، لتحل محله دولة فاسدة على شفير الإفلاس والانهيار، وخطاب عنفي إلغائي وعاصمة مثخنة بجراح الجسم والروح، تخاف من انفجار آخر من الحجم والنوع الذي ينهي الوجود.
رسالة ماكرون من بدء زيارته بلقاء فيروز خطاب مقروء غير مكتوب للطبقة السياسية التي قضت على مناعة لبنان كدولة، وحولته من بلد مزدهر إلى بلد فقير، ومن طليعة العروبة والفكر العربي إلى مركز إيراني يبث أفكار طهران وهجمتها السياسية.
يأتي ماكرون إلى لبنان لكي يحاول إقناع سياسييه بالكف عن نهش بلدهم. فما بقي سوى العظام في أي حال. أو تكاد. وجاء يقول للأحزاب جميعاً: تنحوا قليلاً من أجل أن يعيش لبنان. وسوف يخاطب هذه الزمرة من اللامبالين بلغة رجل دولة، لا بلغة الضحالة السياسية والسطحيات التي فاضت بالمكان. ولن يصغوا ولن يسمعوا. وسوف ينال من الزيارة متعة اللقاء مع فيروز.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البداية تغريدة إلى الجميع البداية تغريدة إلى الجميع



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:45 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 20:00 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

مطعم "هاشيكيو" الياباني يغرم كل من لا يُنهي طعامه

GMT 13:11 2019 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

"جيلي الصينية" تكشف مواصفات سيارة كروس "جي إس"

GMT 05:09 2015 الخميس ,05 آذار/ مارس

انطلاق فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب

GMT 05:58 2015 الثلاثاء ,10 شباط / فبراير

سلسلة "جو وجاك" الكارتونية تطل عبر شاشة "براعم"

GMT 22:28 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

جورجينا رزق تبهر الأنظار في أحدث إطلالاتها النادرة

GMT 21:17 2017 الثلاثاء ,18 إبريل / نيسان

حارس نادي الشعب السابق ينتظر عملية زراعة كُلى

GMT 22:33 2013 الأحد ,28 إبريل / نيسان

"إيوان" في ضيافة إذاعة "ستار إف إم"

GMT 13:10 2013 الجمعة ,08 شباط / فبراير

الحرمان يطال 2.3 مليون طفل في بريطانيا

GMT 07:27 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

"إم بي سي" تبدأ عرض"مأمون وشركاه" لعادل إمام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates