الجيل الضائع

الجيل الضائع

الجيل الضائع

 صوت الإمارات -

الجيل الضائع

سمير عطا الله
بقلم: سمير عطا الله

مذ وعيت على قراءة الروايات والصحف الأجنبية، ترددت أمامي، في كل مكان، عبارة «الجيل الضائع». استخدمها الأميركيون والفرنسيون والبريطانيون، وربما جميع الشعوب الأخرى. كان المقصود بها جيل ما بعد الحرب العالمية الأولى، الذي خرج من دمارها وعبثها يائساً بلا هدف، فاقداً الضوابط والأخلاقيات التي عاشت عليها الأجيال التي سبقته.
صحيح أن الأمم عرفت حروباً كثيرة طوال العصور، لكن تلك كانت «الحرب العظمى» أو «الحرب الكبرى» أو «الحرب الكونية الأولى». ما من أحد بقي خارج آثارها وعذاباتها. وعندما تبعتها الحرب العالمية الثانية بأهوالها وخرابها وابتكارات القتل البشري الجماعي، ازداد بروز تعبير «الجيل الضائع»، وانتقلت من الروائيين إلى أحاديث الناس ويومياتهم.
أين ولدت هذه العبارة التي ملأت العالم. على أي قلم، هل كان صاحبها أرنست همنغواي، مراسل الحروب الشهير، هل كان الفرنسي أندريه مالرو، الذي لم يترك حرباً إلا شارك فيها، أم أنهم فلاسفة الوجودية الفرنسية وطليعتهم جان بول سارتر؟ لقد استخدمت العبارة، مثل سواي، من دون البحث عن جذورها. فذلك لم يكن مهماً أو أساسياً، ما دامت جزءاً من لغة معاصرة تعبر عن حالة إنسانية سائدة في كل مكان.
دخلت «الجيل الضائع» على كل الفنون: الرواية والسينما والشعر والدراسة والفكر السياسي. ومثل تعابير ومصطلحات كثيرة صارت عفوية تلقائية، لا حاجة لشرحها، لأن دلالتها فيها.
منذ بضع سنين خرجت العبارة من التداول. أيضاً في كل اللغات والمجتمعات. فقد دخل العالم عصر «ما بعد الجيل الضائع»، وذهب أبطاله والمعبرون عنه ورموزه في المسرح والسينما. ولم تعد الأفلام الكبرى من نوع «متمرد بلا قضية» أو «أستاذ الروك آند رول»، أو الأفلام الإيطالية الساحرة التي سخرت من آداب البطولات. ولكن من وضع عبارة «الجيل الضائع» في أي حال؟
يروي أرنست همنغواي في تحفته «مهرجان متنقل» أنه ذهب يزور الكاتبة الأميركية جيرترود شتاين في باريس، فوجدها غاضبة تتذمر في صوت عالٍ. لقد أخذت سيارتها إلى الكاراج لإصلاحها. وكان العامل الميكانيكي بائساً لا يعرف كيف. فلما شكت إلى معلمه، صرخ فيه مؤنباً: إنكم جميعاً جيل ضائع. وتطلعت شتاين إلى ضيفها وقالت: «وأنت أيضاً همنغواي. أنت جيل ضائع».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجيل الضائع الجيل الضائع



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 18:04 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الحب على موعد مميز معك

GMT 00:42 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كردستان تحتضن معسكر المنتخب العراقي لكرة السلة

GMT 01:57 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

عقبة تُواجه محمد صلاح وساديو ماني أمام برشلونة

GMT 05:18 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ريماس منصور تنشر فيديو قبل خضوعها لعملية جراحية في وجهها

GMT 17:03 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

استقبلي فصل الخريف مع نفحات "العطور الشرقية"

GMT 04:38 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

خدع بسيطة لتحصلي على عيون براقّة تبدو أوسع

GMT 01:20 2013 الأحد ,21 إبريل / نيسان

دومينو الـ10 ألاف "آيفون 5 إس" الجديد

GMT 01:14 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الإقامة الفاخرة في جزيرة جيكيل الأميركية

GMT 20:41 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

إريكسون يؤكد أن ساوبر أنقذت نفسها من موسم "كارثي" في 2017

GMT 10:32 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

دلال عبد العزيز تكشف عن تفاصيل دورها في "سوق الجمعة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates