مدن الصيف فسحة مش لطيفة خالص

مدن الصيف: فسحة مش لطيفة خالص

مدن الصيف: فسحة مش لطيفة خالص

 صوت الإمارات -

مدن الصيف فسحة مش لطيفة خالص

بقلم : سمير عطا الله

 

كان لا يزال زمن الطائرات غير النفاثة. أي ذات المحركات. وكانت بطيئة وآمنة وأهلها طيبون. وفي كل الحالات، كانت الطائرة الوحيدة العاملة على خطوط الرحلات القصيرة في المنطقة، بينما تفرد النفاثات الحديثة للرحلات الدولية.

تنقلت في ذات المحركات لبضع سنين في طمأنينة والحمد لله. وكان الطيران عندنا لا يزال نوعاً من الجرأة، خصوصاً الكثير منه. وكان البعض ممن لم يعرفوا الطيران ويتذوقوه في حياتهم، يشيدون بالمسافر المقدام.

ذات يوم كنت في رحلة بين مدينة عربية وأخرى. وكان إلى جانبي مقيم من مصر عائد إلى بلد الهجرة. كان يتحدث في حماسة ومحبة عن كل شيء في مغتربه: الناس والشغل والأصحاب. وكنت أحاول، دون جدوى، أن أتابع قراءة الكتاب الذي أحمله.

عندما وصلنا أجواء المدينة، تطلع من النافذة وقال في ابتهاج: انظر. انظر الحلاوة ديّة. يا سلام. تظاهرت بأنني أنظر ثم أكملت القراءة. وبعد قليل تطلع من النافذة مرة أخرى متفقداً مسار الرحلة، ثم قال «شكله بيلف عشان الهبوط». غير أن الطيار استمر في اللف دون أن يهبط. ثم خاطبنا قائلاً: إن زحمة الرحلات سوف تؤخر هبوطنا قليلاً. غير أننا شعرنا –جميعاً– بالخوف. جميعنا نعرف أننا الطائرة الوحيدة ذلك العصر.

تململ جاري وهو يضع رأسه في زجاج النافذة. ثم «لكعني» بكوعه الأيسر صائحاً: وبعدين بقا. دي فسحة مش لطيفة خالص. وكان يوجه الكلام إليّ وكأنني القبطان أو برج المراقبة:

عاد الطيار يخاطبنا، هذه المرة في شجاعة أكثر: فلنتكل جميعاً على الله. سوف نقوم بهبوط اضطراري على الرمل. لا تخافوا. اتخذ المطار جميع الإجراءات اللازمة.

علت أصوات التضرعات في وجوم، وعاد المضيفون إلى مقاعدهم بسرعة. وتمسك كل منا بكرسيه وشد قدميه إلى الأرض. وصمت جاري عن اعتراضه، بينما راحت الطائرة تزحف سريعة على الرمال، وتهتز اهتزازاً شديداً بين يدي القبطان الشجاع، وكأنها سوف تتناثر إلى قطع، ومقاعد، إلى أن توقفت بعدما جففها الكابتن من آخر نقطة كيروسين.

عندما ضغط الكابح الأخير، وهلل الركاب وكبَّروا، قال جاري على ألحان الحزن والفرح: «مراتي حامل، وإذا كان المولود ذكراً حَ نديه اسم ابن الحلال ده».

في الانتظار خارجاً كانت فرقة من رجال الإطفاء وشاحناتهم وخراطيمها. تقدموا من المسافرين يعانقونهم. وكان الطيار لا يزال على سفينته، يتفقدها مواسياً كأنها فرس خذلتها سيقانها النبيلة رغماً عنها.

إلى اللقاء...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مدن الصيف فسحة مش لطيفة خالص مدن الصيف فسحة مش لطيفة خالص



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:41 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا
 صوت الإمارات - الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا

GMT 20:34 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد
 صوت الإمارات - ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:01 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السجائر في الإمارات بعد تطبيق الضريبة الانتقائية

GMT 12:14 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 07:44 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

تامر حسني يعلن موعد عرض فيلم "الفلوس"

GMT 12:06 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

دندن يبحث سبل تعزيز التعاون مع جمعية الشارقة الخيرية

GMT 16:46 2016 الثلاثاء ,09 شباط / فبراير

تخفيض دائم على سعر جوال "OnePlus 2" إلى 349 دولار

GMT 08:23 2016 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

توزيع جوائز القصة القصيرة بالتعاون مع مؤسسة "بتانة" الثقافية

GMT 11:42 2015 الخميس ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

المصممون يضعوا لمسة "الأهداب" الأنيقة لأحذية الرقبة

GMT 23:56 2015 السبت ,11 تموز / يوليو

الأمطار تغرق المناطق المنخفضة في روالبندي

GMT 07:31 2013 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

"THQ" تُقرر عدم إصدار لعبة "Avengers"

GMT 09:19 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

واريورز ينتصر على دالاس مافريكس في دوري السلة الأميركي

GMT 08:25 2015 السبت ,14 شباط / فبراير

ظهور ضوء مبهر وصوت هائل في سماء نيوزيلندا

GMT 10:51 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أمل رزق تستعد للمشاركة في مسلسل "للحب فرصة أخيرة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates