عندما كتب

عندما كتب

عندما كتب

 صوت الإمارات -

عندما كتب

سمير عطا الله
بقلم: سمير عطا الله

ما زالت اكتشافات الآثار تقدم لنا المزيد عن أسلافنا في مصر والعراق والصين والمكسيك. منها ما يدلنا على طريقتهم في الصيد أو في الزرع أو في الطهي. ومنها الكهوف التي تعرف من ظلامها كم علينا أن نصبر على انقطاع الكهرباء في لبنان، وأن من الأفضل لنا الحصول عليها بالبواخر التركية المعقود في صواريها توقيع الحبر السري!
الآثار شيء جميل ومسل، وغالباً يساعدنا على استعادة تاريخنا. ومعظمه تاريخ أنانيات وآسياد وعبيد. لكن لا بأس. وقد توصل إلينا من بدائع الآثار هذا التمثال الهائل الذي أخافنا فسميناه أبا الهول. لكنه ربما لم يكن كذلك. كيف يمكن أن تعرف؟ لا يمكن لنا أن نعرف. كل ما وصلنا لما قبل الوصول إلى اللغة، كان نصف، أو شبه، تاريخ. لا نعرف شيئاً عن صداقات رمسيس، ولا عن طباع رع. كل شيء قبل اللغة حزازير وتفاسير و«كوارث». الآن يقال لنا إنه تم العثور على جثة عمرها 25 ألف عام، لكن كيف كان مجتمع صاحبها؟ هل كان كريماً أو مضيافاً أو لصاً يسرق أصدقاءه؟ هل كان يحب الغناء؟ هل كان ظهور القمر يحرك عواطفه أو فقط يضيء تنقلاته؟
ظهور الحرف كان أعظم من جميع المنحوتات. الألفباء كانت أهم للبشرية من أبي الهول وآثار اليونان. حول هذا الحرف التقى ما صرنا نسميه المجتمع. وهذا المجتمع أصبح خلية بشرية تتفاهم فيما بينها على تطوير كل شيء. وكان للتطور سبيل واحد، اللغة.
كل شيء قبل ذلك كان صامتاً. الإنسان يعبر بالإيماءات فتذهب معه حين يغيب. مشاعره تذهب معه من دون أن يترك وصفاً لها. نعرف أن فرحته كانت عظيمة عندما اكتشف النار بالصدفة، خصوصاً عندما أضاءت ليله ودفأت أطفاله، لكنه لم يكن قد اخترع بعد لغة يصف لنا بها الفارق بين ما كان عليه البشر قبل هذا الاختراع الهائل وبين الحياة من بعده. وبدل أن يعبر عن بهجته ببضعة أسطر ومطالعة في فوائد النور، قرر مرة واحدة أن يعبد النار.
اللغة علمته أن يتعلم. والعلم علمه أن يفكر. والفكر علمه أن النار لا شيء في قدرة الخالق. تلك هي الوسيلة الأعظم في جمع البشر. من دونها انقرضت أمم كثيرة وذابت أمم أكثر وزالت شعوب عدة. قبل اللغة لم يكن للآثار معنى. لم تبنِ الأعمدة اليونان وشيئاً من حضارة العالم. بل هوميروس وسقراط وأفلاطون. وشقيقهم هلم جراً.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عندما كتب عندما كتب



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates