خيري أم غابرييل

خيري أم غابرييل؟

خيري أم غابرييل؟

 صوت الإمارات -

خيري أم غابرييل

سمير عطا الله
بقلم: سمير عطا الله

 عندما أصدر غابرييل غارسيا ماركيز سيرته الذاتية «عشت لأروي» تناولها النقاد والكتّاب حول العالم من زوايا كثيرة. الروائي المصري خيري شلبي تفرد في البحث عن أوجه الشبه بين الطفولة في مصر والطفولة في أميركا اللاتينية. وعادت به الذاكرة إلى طفولته.

لماذا كان والده يقول عنه إنه «بايظ وحمار»؟ لأنه كان ابنه الوحيد ويخشى عليه من الحاسدين. وكان يردد ذلك فقط أمام الغرباء لأنه يعتبر «أن جميع خلق الله من الحاسدين. ولو حدَّث عن فطنتي وذكائي حتى أمام ناس من أهله، تجعله يقرأ في سرِّه عدية ياسين «وقل أعوذ برب الفلق». ولذا، كان عندما يبهدله أمام الناس، تطيِّب له شقيقته رقية قائلة «أيوة، اكسر العين عنه شوية».

رزق الأب بابنه الوحيد بعد أربع زيجات خلال 50 عاماً. وكانت العائلة تسكن في قرية شباس عمير التي تغمرها تقاليد الريف، وهكذا كان أبناء عمومته ينادونه «يا أبي» وهو بعد في الرابعة من العمر. ومما يرويه الطفل المدلل أنه كان فشاراً واسع المخيلة، يحدث العمال في الجوار أن أهله استضافوا عدداً من الأقرباء ومعهم حميرهم. وقد نام الحمير في الدور الثاني من المنزل. فسأله الجار مصباح ضاحكاً: «والحمير غسلت أيديها بعد الأكل»؟

يقارن شلبي نفسه في سن الرابعة بغابرييل غارسيا ماركيز، الذي يقول إنه عندما كان في تلك السن، كان يضيف من مخيلته أمام الكبار لكي يثير إعجابهم. وكانت له ذاكرة مثل الإسفنج تحفظ كل ما يرويه الكبار أمامه وفي اعتقادهم أنه لا يهم ما يخبرون.

يروي شلبي أن معظم أحاديث الكبار في الأربعينات كانت حول الحرب العالمية «وأن الحاج محمد هتلر قد أشهر إسلامه، ويدعون له بالنصر، لعله يخلصنا من ذل الإنجليز». وبعد قليل سرت أنباء عن وفاة هتلر في ظروف غامضة، فسأل أحد الجيران الوالد أحمد شلبي عن رأيه، فما كان من الطفل خيري إلا أن أجاب في صوت عالٍ: «خلاص. هتلر انتحر ومات».

يعيد خيري شلبي معرفته المبكرة إلى المناخ الذي ولد فيه «فمثلما ينتج الفقر المدقع طفلاً مهلهل الثياب، مهزول البدن، فالاحتلال والحرب ينتجان طفلاً عجوزاً، تنطبع الهموم العامة على نفسه وذاكرته ولسانه. قريتي في ذلك الحين كانت على درجة عالية جداً من الوعي السياسي، نلمسه في خطب المساجد التي لا تكف عن التنديد بالاحتلال وجنوده وأذنابه. وكان الشبان من أعضاء حزب الوفد يجعلون من المصاطب ومن دكاكين البقالة والخياطة منابر سياسية».

يتساءل خيري شلبي: «هل كان (ماركيز) يكتب قصة حياته أم قصة حياتي؟ الشقاء الإنساني في قرية على شاطئ الكاريبي أم في قرية مصرية على فرع من فروع النيل الأسمراني»؟ (وجهات نظر).

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خيري أم غابرييل خيري أم غابرييل



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 09:42 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

"بيوتي سنتر" مسلسل يجمع شباب مصر والسعودية

GMT 22:57 2019 الأربعاء ,06 آذار/ مارس

بن راشد يعتمد 5.8 مليار درهم لمشاريع الكهرباء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates