كندا تنقلب

كندا تنقلب

كندا تنقلب

 صوت الإمارات -

كندا تنقلب

سمير عطا الله
بقلم: سمير عطا الله

 قال جاستن ترودو، رئيس وزراء كندا، بعد مجزرة الدهس في تورونتو، «نريد للكنديين أن يمشوا بأمان في ديارهم». تأملتُ على الخريطة موقع الدهس قرب شارع يونغ، الموازي للشانزليزيه، أو فيفث أفنيو نيويورك، فتذكرت يوم كنت أمشي فيه الساعة الثانية بعد منتصف الليل من دون أن يخطر لي خوف أو قلق. كانت كندا، خصوصاً بالمقارنة مع جارتها الأميركية الكبرى، ساحة من الأمان والطمأنينة. تدخل الحدود من هذه الناحية فتشعر أنك تدخل بيت أبي سفيان، وتعبرها من الناحية الأخرى، فتشعر أنك تدخل عالماً صعباً وطاغياً ومختلف الإيقاع.

لكن كندا ما لبثت أن تعرضت للتغير والاختراق مثل النصف الأكبر من أميركا الشمالية. تكاثر المهاجرون ومعهم عاداتهم ومشاكلهم ونظرتهم إلى القانون والحياة. صينيون، وإيطاليون، وهنود، وأفغان، وعرب، وأفارقة. لم يكونوا يعرفون شيئاً عن هذا المجتمع العادل والمتساوي والعائش بالقانون. حملوا معهم عادات غريبة وخلافات وعنفاً وتسامحاً مع الارتكاب والمخالفة والاعتداء والتحايل على مال الدولة. وأرغموا كندا على تغيير قوانين الاستقبال، لكنها أبقتْ قوانينها الداخلية على رفعتها. ولم تستطع كندا، مثلها مثل أي بلد آخر، أن تسد الأبواب في وجه الأوبئة الآتية من الخارج. وهذا النوع الجديد من الدهس بالشاحنات والباصات والفانات والسيارات، لم يعد وقفاً على العاطلين العرب في برلين ونيس وأستراليا. فالعدوى القاتلة سرعان ما تعبر الحدود مثل الهواء الأصفر. والعقل المجرم ليس في جينة واحدة، أو فئة واحدة من الناس. لكن الأهم في مثل هذه الحالات المدمرة، هو عقل المسؤولين والقادة. يجب أن نقرأ نص البيان الذي ألقاه جاستن ترودو بعد المجزرة: لا كلمة حادة، لا كلمة نابية، لا فلتان أعصاب، ولا هيجان ثيران.

هو عليه أن يتصرف كزعيم للبلاد، وليس كزعيم للسوقة. وعليه أن يؤاسي شعبه، ويؤاسيه في مصابه، ويطمئنه، وليس أن يحرضه ويزرع في نفسه الرعب. والحمد لله أن جزار تورونتو ليس ذا «ملامح شرق أوسطية»، ولا هو «عاطل عن العمل يتعاطى المخدرات». ونوصي هؤلاء السادة بكندا، فقد استقبلت من العرب أكثر من غيرها. وعندما رفض دونالد ترمب استقبال 40 ألف لاجئ سوري، تطوع ترودو لاستقبالهم.

المرة الأخيرة التي ذهبت فيها إلى كندا تعرضت في مطار أوتاوا لمعاملة غير كندية على الإطلاق من ضابط يدعى منزيس. لكنني تفهمت الأمر، فالاسم شرق أوسطي ولو لم تكن الملامح كذلك. وأدركت كم تغيرت كندا عن أول زيارة العام 1974، لكنني لن أذهب إلى كندا المستر منزيس مرة أخرى.

نقلا عن الشرق الآوسط اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كندا تنقلب كندا تنقلب



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان
 صوت الإمارات - عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 08:03 2013 الجمعة ,23 آب / أغسطس

نظافة المدرسة من نظافة الطلاب والمدرسين

GMT 09:10 2015 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير البيئة والمياه يكرّم مصمم لعبة "أبحر"

GMT 19:20 2013 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

القبض على أسقف في الفاتيكان بتهمة الاختلاس

GMT 19:06 2013 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

علمى طفلك كيف يتصرف بطريقة جيدة

GMT 19:23 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

مطالبات في بريطانيا بحظر بيع هواتف محمولة بحجم أصبع اليد

GMT 08:44 2015 الثلاثاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

الإضاءة المناسبة للتغلب على ضيق المساحات

GMT 08:11 2019 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

أبرز صيحات الحقائب من أسبوع الموضة في ميلانو لخريف 2019

GMT 02:02 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

جزر الكناري تخفض أسعارها للرحلات الشتوية

GMT 02:50 2019 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

الاتّكالُ على أميركا رهانٌ مُقلِق
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates