جيران حي المجانين

جيران حي المجانين

جيران حي المجانين

 صوت الإمارات -

جيران حي المجانين

بقلم:سمير عطا الله

أغلق أنور خوجا دونه أبواب وأسوار ألبانيا. ونوافذها وحدودها، ومسام الجلد فيها. وفي الصراع بين التشدد وغلاة التشدد من زعماء الشيوعية، اختار أن يكون أكثرهم غلواً. وفي النزاع الآيديولوجي الحاد بين موسكو وبكين، اختار من دونهم جميعاً ماو تسي تونغ.

لم يكن الخارج يعرف شيئاً عن الحياة في ألبانيا إلا من خلال زائر مقنّع، أو منشق، نجح في الهروب. لكن في هذا الإغلاق المطلق عرف العالم كاتباً واحداً من ألبانيا هو الروائي إسماعيل قدري، الذي توفي أخيراً عن 88 عاماً.

نجح قدري في أن يبقى حياً وفي الحصول على شهرة عالمية. وعندما بدأت شهرته تذاع، قيل إنه يستعد للعمل على رواية يصور فيها الحياة في ظل أنور خوجا. استدعاه الزعيم فذهب مرتعداً. استمر اللقاء ثلاث ساعات، وفي نهايته قدم له الزعيم المجموعة الكاملة من أعمال الفرنسي بلزاك، وكتاباً عن أصول اللغة الألبانية. وطوال الساعات الثلاث لم يتلفظ الزعيم بكلمة سياسية واحدة، مكتفياً بمديح الكاتب.

تم اللقاء عام 1971 عندما كان قدري في الخامسة والثلاثين من العمر. وكان ذلك اللقاء الأول والأخير بين قدري والزعيم الذي يحكم البلاد منذ عام 1949. أثارت العلاقة الملتبسة بين روائي وبين أكثر الحكام قمعاً في أوروبا الشرقية الكثير من التساؤلات والنقد. وقال البعض إنه يفتقر إلى الشجاعة التي تمتع بها التشيكوسلوفاكي فاتسلاف هافل، أو ألكسندر سولجنتسين. رفض التهمة. وقال في حديث إلى «الموند» إن نجاته من قبضة الزعيم سمحت له بالعطاء الأدبي بدلاً من أن يُقتل لأسباب تافهة مثل سواه.

والواقع أنه أظهر شجاعة أدبية في كثير من أعماله، وأشهرها «شتاء العزلة الطويلة» عام 1973.

من الأقدار أن منزلَي خوجا وقدري كانا قبالة بعضهما البعض في شارع يدعى «حي الرجال المجانين». وبينما ذهب الشيوعي المتشدد للدراسة والعمل في بلجيكا وباريس، ذهب قدري إلى موسكو في منحة مدرسية.

بعد ظهور روايته الأولى «جنرال الجيش الميت» ونجاحها في الخارج، أُعطي ما لم يُعطَ سواه. أولاً سُمح له بالسفر، ثم سُمح له باقتناء سيارة طراز «غولف فولكسفاغن». وعندما اتهمه النظام بأنه لمّح إلى شخصية خوجا، هبَّ الزعيم نفسه للدفاع عنه، وانتهت المسألة بعنوان مختلف للرواية وبعض «التصحيحات». عام 1980 أصدر «قصر الأحلام» التي مُنعت سريعاً، ولكن بعدما بيع منها آلاف النسخ. عام 1990 مُنح اللجوء السياسي في فرنسا، بعد 5 سنوات على موت الزعيم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جيران حي المجانين جيران حي المجانين



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 02:29 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين الجسمي يحتفي بيوم العلم الإماراتي
 صوت الإمارات - حسين الجسمي يحتفي بيوم العلم الإماراتي

GMT 02:25 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يعرب عن «صدمته» إزاء المعارك في وسط السودان
 صوت الإمارات - غوتيريش يعرب عن «صدمته» إزاء المعارك في وسط السودان

GMT 05:42 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

الأزرق يسيطر على أحدث الديكورات الداخلية للمنازل

GMT 15:14 2016 السبت ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تشيز كيك بجبن الفيتا والكراميل والتوفي

GMT 00:53 2020 الأربعاء ,22 تموز / يوليو

تصرفات على الإنترنت تدل على ضعف علاقتك الزوجية

GMT 10:49 2019 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

"هوندا" تعرض النسخة الجديدة من "فيت" و "جاز" في طوكيو

GMT 15:37 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

هدف عالمي للفرعون محمد صلاح في شباك "جينك" البلجيكي

GMT 20:17 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز وأهم إهتمامات الصحف الفلسطينية الصادرة الثلاثاء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates