وادي الورود

وادي الورود

وادي الورود

 صوت الإمارات -

وادي الورود

سمير عطا الله
بقلم: سمير عطا الله

 بلغت مبالغ بعض النقاد العرب بلجم السيد ألفرد نوبل وجائزته وورثته وحياد السويد التاريخي. والسبب أنهم كانوا يرددون خلال مرحلة النزاع بين موسكو السوفياتية وبين المنشقين من كتّابها، ما كان يقوله مفوضو الأدب في الحزب، وليس أدباء روسيا. والمرة الوحيدة التي شكك فيها نقاد العالم بموضوعية الجائزة وقيمتها الأدبية كانت يوم منحها إلى ميخائيل شولوخوف، صاحب «الدون الهادئ»، إذ اعتبرت مراضاة للشيوعيين لكي يكفّوا عن اتهام اللجنة بالعمالة.

وفي أي حال ظلت «نوبل» التاج الأدبي الأكبر والشهادة الأدبية القاطعة. والدليل على ذلك من أبسط أنواع البراهين: حاول أن تقرأ أعمال أي حائز على نوبل، مهما كان ذوقك الأدبي مختلفاً، وسوف ترى أن ذلك التاج لا يُعطى اعتباطاً. العام 2016 مُنحت «نوبل» إلى المغني الأميركي بوب ديلان. وكنت من الذين استهجنوا الخطوة، كما استغربها القسم الأكبر من الناس حول العالم. وكنا على حق. فكل ما نعرفه عنه كان بضعة أغانٍ شعبية شائعة في كل مكان. وعندما قرأت نصوص أعماله بعد الضجة التي أثيرت حوله، اكتشفت أنني، بعكس اللجنة، أصدرت حكماً على نتاج لا أعرف عنه شيئاً.

هذا عندي موسم قراءة الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز. كلما أعدت قراءة فصل أعود إلى الفصل الذي قبله. وعندما أصل إلى الذي بعده، أشعر أن هذا الكيميائي ضرب سحره على أعضاء اللجنة فرداً فرداً. وهكذا فعل بملايين القراء بآلاف الثقافات، بعشرات اللغات، بألف مناخ ومناخ.

وإذا ما أردت جواباً من جملة واحدة عن السؤال: لماذا أُعطي غارسيا ماركيز «نوبل»، أراني أجيب بسؤال آخر: ماذا لو لم يعط غارسيا ماركيز هذا التاج؟ كم سوف يظلم الأدب العالمي والأدب اللاتيني والرواية العالمية، وهذا النوع من السحر في خلط السرد الوصفي للحالة الإنسانية.

نال غارسيا ماركيز «نوبل» (1968) على روايته «مائة عام من العزلة». وعندما أصدر «خريف البطريرك» قال إنها «قصيدة على مائة عام من العزلة». وأنا أقرأ الآن «خريف البطريرك» وأشعر كأنني في موكب من الطبول والصناجات والزغاريد المزورة. لا شك في أن التجربة الإنسانية في أميركا اللاتينية ثرية بلا حدود؛ في عذابها وفقرها وهنودها ومآسيها وظلمها الديكتاتوري. لكن العظمة هنا هي كيف يخلط هذا المعلم ويمزج ويطرز ويحيك. يكاد يذكرني بالورود التي كانت تطرزها أمي على الوسادات والشراشف. وكانت ورودها وأزهارها الترف الوحيد في المنزل. وعندما احتفِلَ بعيد الأمهات قبل أيام، تساءلت عن سرهنَّ الكبير: لماذا كلما بعد غيابهنَّ، ازددن حضوراً وروداً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وادي الورود وادي الورود



GMT 03:11 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 03:10 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 03:08 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 01:24 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

قصة الراوي

GMT 01:23 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

بمناسبة المسرح: ذاكرة السعودية وتوثيقها

GMT 21:27 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الاضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 11:13 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ابنة كورتيني كوكس تقتبس منها إطلالة عمرها 20 عامًا

GMT 04:12 2019 الأربعاء ,02 كانون الثاني / يناير

«فورس بوينت» تحذّر من نشوب حرب إلكترونية باردة 2019

GMT 15:44 2018 الجمعة ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

الصداع النصفي المصاحب بأعراض بصرية يؤذي القلب

GMT 16:55 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

سيارة هوندا سيفيك تتمتّع بإطلالة جريئة ومُتفرّدة

GMT 17:40 2013 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

برنامج ماجستير الدراسات الأمنية في "جورجتاون" في قطر

GMT 15:51 2013 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

معرض فى بون يظهر تأثير الحرب العالمية الأولى على الفن
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates