اعتذار من عَلم

اعتذار من عَلم

اعتذار من عَلم

 صوت الإمارات -

اعتذار من عَلم

سمير عطا الله
بقلم: سمير عطا الله

هل تدري ما سبب نجاح الثورة المدهش والمذهل في لبنان، بصرف النظر عمّا سيحدث لها غداً؟ إنها بلا بطل، وبلا «بلاغ رقم واحد»، وبلا مجلس ثوري، وبلا لجنة مركزية أو مكتب سياسي... وإلا لكان أعضاء اللجنة المركزية انصرفوا إلى تصفية بعضهم بعضاً، وأعضاء المكتب السياسي سخف بعضهم بعضاً، ولكان الأبطال تناحروا وتدافعوا بحيث لا يبقى حياً أو خارج السجن إلا القائد.
ما هذه الروعة أيها اللبنانيون... ما هذا البهاء؟ ألف خرزة زرقاء. منذ الاستقلال لم يُرفع هذا العلم كما رُفع اليوم. كان العلم شيئاً مكروهاً في مناطق كثيرة، وكان الذين يحبونه يخشون أن يعلنوا ذلك، وكان الحزبيون والعقائديون يرون فيه رمز الانعزالية والرجعية، والإمبريالية وسائر القافية.
قبل سنوات طلب مني الأستاذ غسان تويني أن أشاركه في وضع «كتاب الاستقلال»، وهو تشريف مهني لي من أستاذي ومعلمي. لكنني قلت له إنني لا أعتقد أن الاستقلال كان نضالاً، بل كان تدبيراً دولياً. وانسحبت من المشروع الذي بقي فيه السفير نواف سلام والراحل سمير فرنجية.
وشعرت بعدها، ولا أزال، بندم شديد، ليس لأنني خذلت غسان تويني مرة أخرى في مشروع يشرفني مهنياً، بل لأنني لم أملك الشجاعة، مثله، للاحتفاء باستقلال بلدي حتى ولو كان استقلاله مستحيلاً.
عندما عدنا من لندن للاستقرار في لبنان من جديد أواخر التسعينات، ذهبت لحضور بعض الاحتفالات وفوجئت - بكل صدق - بأن النشيد الوطني لا يزال يُعزف، والناس لا تزال تقف له من دون أن تخشى عقاب رستم غزالة أو تقارير المخبرين عن مثل هذا الارتكاب: أولاً عزف النشيد، وثانياً الوقوف له.
لم أَرَ، ولا أحد غيري رأى، هذه الكمية من أعلام لبنان خلال شهر. لا أعرف في أي مصنع صنعت. ولا أعرف كم منطقة من المناطق تراه للمرة الأولى وترفعه وتلوح به، غير مرفق بأي علم آخر كنوع من التمويه أو التبرير. هكذا وحده رفع في أراضٍ لم تكن تعدّ نفسها في لبنان، إلا من حيث استخدام العملة.
ذلك أحد وجوه هذه الثورة التي لم يظهر لها بطل أو قائد أو منظِّر. ظهر فيها شيء واحد هو علم البلد المستقل وفي وسطه أرزة خضراء لا تشح خضرتها بعد ثلاثة آلاف سنة. علم جميل رقيق غير متعصب يرفرف مع النسائم والتحيات والأغاني، ويسامح الضعفاء مثلي الذين استحيوا به مثل الذين ينكرون آباءهم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اعتذار من عَلم اعتذار من عَلم



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:45 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 20:00 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

مطعم "هاشيكيو" الياباني يغرم كل من لا يُنهي طعامه

GMT 13:11 2019 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

"جيلي الصينية" تكشف مواصفات سيارة كروس "جي إس"

GMT 05:09 2015 الخميس ,05 آذار/ مارس

انطلاق فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب

GMT 05:58 2015 الثلاثاء ,10 شباط / فبراير

سلسلة "جو وجاك" الكارتونية تطل عبر شاشة "براعم"

GMT 22:28 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

جورجينا رزق تبهر الأنظار في أحدث إطلالاتها النادرة

GMT 21:17 2017 الثلاثاء ,18 إبريل / نيسان

حارس نادي الشعب السابق ينتظر عملية زراعة كُلى

GMT 22:33 2013 الأحد ,28 إبريل / نيسان

"إيوان" في ضيافة إذاعة "ستار إف إم"

GMT 13:10 2013 الجمعة ,08 شباط / فبراير

الحرمان يطال 2.3 مليون طفل في بريطانيا

GMT 07:27 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

"إم بي سي" تبدأ عرض"مأمون وشركاه" لعادل إمام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates