قصة كتابين وكاتب الحظ الوحيد سواد الشَّعر

قصة كتابين وكاتب: الحظ الوحيد سواد الشَّعر

قصة كتابين وكاتب: الحظ الوحيد سواد الشَّعر

 صوت الإمارات -

قصة كتابين وكاتب الحظ الوحيد سواد الشَّعر

سمير عطا الله
بقلم: سمير عطا الله

ويتساءل الكاتب الصحافي يوسف الشريف في مؤلفه «كامل الشناوي آخر ظرفاء ذلك الزمان»: هل كان كامل الشناوي صحافياً؟ هل كان أديباً؟ هل كان شاعراً؟ هل كان فناناً؟ هل كان فيلسوفاً؟ هل كان مفكراً أو مؤرخاً أو محدثاً أو ظريفاً؟ ويجيب الشريف بعد ملاصقة حميمة للظاهرة الثقافية الفريدة لمدة دامت أكثر من ثمانية أعوام، بأن كامل الشناوي كان كل ذلك في ذلك كله. هذا بينما يحلل كامل الشناوي ذاته بالأرقام من واحد إلى عشرة فيعطي نفسه في الشجاعة 6، وفي الصدق 8، والخجل 9، والغيرة 7، والغضب 2، والأناقة 1، والشكل صفر، والحب 10. وتسأله أقدر المذيعات آمال فهمي: ما الشيء الوحيد الذي جاملك فيه الزمن؟ فتأتي إجابته: سواد شعري. فرغم قوله في قصيدته «عيد الميلاد» التي غنّاها فريد الأطرش وكان فيها «جئت يا يوم مولدي، جئت يا أيها الشقي، وعلا الشيب مفرقي»، فإنه ظل يحتفظ بسواد شعره بدون صبغة حتى النهاية رغم أنه كان يغسله يومياً بالكولونيا. وربما كان كامل الشناوي أيضاً يغسل بالكولونيا جيوبه الخاوية، فقد كان كريماً لحد السفه لتطارده متاعبه المالية فتغدو لازمة لحياته، فهو الذي لم يمتنع يوماً عن إقراض صديق، أو زميل محتاج للعون، وكان يدفع لكل من يشاركونه السهر، ولا ينسى في الليالي التي يسهر فيها، وهو رئيس تحرير، أن يطلب العشاء لمن معه قد يصل إلى 100 ساندويتش للزملاء وعمال المطبعة، وهو الذي لم يعرف يوماً كيف يحدد علاقته بالمال ولا إذا ما كان يكرهه أو كان يهواه، فكلما عضّه الإفلاس لجأ إلى حقن نفسه بمصل السلف حتى كان الصحافي الوحيد الذي مات مديناً لـ«الجمهورية» و«أخبار اليوم» بسبب القروض، حتى إنه كان يقبض راتب 6 أشهر مقدماً، وبينما كان غيره يحصلون على المال ويحددون إقامته في عمارة أو أرض أو سهم أو سند أو رصيد، كان ابن الشناوي ما يكاد يلقي قبضته عليه حتى يطلق سراحه ليركض. لا يسأله إلى أين ولا متى ستعود.
وبقيت تعبيراته نصطادها من الهواء. مثلما قال عند لقاء النجمة الحسناء: ازيهم كلهم؟ فردّت عليه: مين همّا يا كامل بيه؟ فقال: شعرك، عينيك، شفايفك، صوابعك. وقال إن الصيدليات ستقفل أبوابها لأن أغاني شادية علاج لكل الأمراض، وإن سلوى حجازي المذيعة بلغ من رقتها أنها كانت قبل أن تفتح درج مكتبها تستأذنه: تسمح لي أفتحك.
ولم تزل زلزلة كلماته الهادرة تهيب بنا تنشد الحرية في لحن لعبد الوهاب ظل محبوساً في أدراج الإذاعة حتى قيام الثورة. أرضك الحرة غطاها الهوان وطغى الظلم عليها وعليك، وكنت في صمتك مرغم، كنت في حبك مكره، فتكلّم، وتألّم، وتعلّم كيف تكره!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قصة كتابين وكاتب الحظ الوحيد سواد الشَّعر قصة كتابين وكاتب الحظ الوحيد سواد الشَّعر



GMT 01:24 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

قصة الراوي

GMT 01:23 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

بمناسبة المسرح: ذاكرة السعودية وتوثيقها

GMT 04:06 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

وحدة الساحات

GMT 01:28 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

قبعة ومسدس

GMT 01:26 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

... عن أولئك المستوطنين الدينيّين!

GMT 20:09 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

السنغال واحدة مِن أفضل الوجهات السياحية لعام 2019

GMT 13:40 2018 الإثنين ,22 تشرين الأول / أكتوبر

مريم المهيري تستعرض جهود تحقيق الاكتفاء الغذائي في الدولة

GMT 19:40 2018 الخميس ,27 أيلول / سبتمبر

"اهدى يا مدام" قصة جديدة من مسلسل "نصيبى وقسمتك 2"

GMT 05:47 2015 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

"كهرباء القدس" تواصل تطوير خدمات الكهرباء العصرية

GMT 07:07 2014 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الجامعة الإسلامية تشارك في معرض اسطنبول الدولي للكتاب

GMT 04:37 2015 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

معرض لتراث سورية في مخيم الزعتري

GMT 08:58 2018 الخميس ,26 إبريل / نيسان

رباعية دفع فاخرة جديدة من "بي إم دبليو"

GMT 02:44 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

الفنان حسن الرداد في "برنامج معكم" مع منى الشاذلي الجمعة

GMT 16:06 2014 الثلاثاء ,30 أيلول / سبتمبر

اللون البني لعاشقات الإطلالة المميزة في شتاء 2015

GMT 21:46 2013 الثلاثاء ,18 حزيران / يونيو

شباب حوامل لتوعية المراهقات الأميركيات

GMT 12:18 2017 الأحد ,08 تشرين الأول / أكتوبر

عبير صبري تُعلن عن تفاصيل دورها في مسلسل "الحب الحرام"

GMT 11:43 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

مغسلة توحي بالملوكية والرقي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates