بقلم: سمير عطا الله
كتاب جديد، سلس ومركز ويغطي مرحلة حديثة عاشها معظم «العنصر الإنساني: غورباتشوف وريغان وثاتشر، ونهاية الحرب الباردة» بقلم آرشي براون. يعيد المؤلف رسم الأدوار التي لعبها في تاريخ البشرية ثلاثة من الزعماء الذين نشأوا في أكثر البيئات بساطة: الأميركي ابن بائع متجول يدمن الكحول، والبريطانية ابنة بقال في ضاحية لندنية متوسطة، والروسي ابن فلاحين بؤساء في قرية فقيرة مات معظم أهلها بالمجاعة بعد الاحتلال الألماني في الحرب العالمية الثانية.
الأول في نظام رأسمالي يفتح باب الفرص. ولذلك، انتخب مرتين حاكم كاليفورنيا، ومرتين رئيس أميركا بأكثرية ساحقة. ثاتشر تحدت نظام الأرستقراطية والاحتكار الذكوري معاً. وغورباتشوف أفاد من نظام الفرص الحزبي، فبرع في دروسه، وتسلق السلم إلى الكرملين في مهارة. الأول بلغ البيت الأبيض، والثانية بلغت 10 داوننغ ستريت، والثالث الكرملين. الثلاثة أبناء حروب وانتصار عسكري. ثلاثتهم قرروا أن الانتصار الحقيقي للبشرية هو السلام. كان ريغان العدو الأول «لإمبراطورية الشر»، لكنه آمن مع غورباتشوف، وبالحماس نفسه، أن أفضل ما يحدث للإنسانية هو خفض قدرتهما على التدمير المتبادل لكوكب الأرض.
التقى ريغان في منتصف الطريق مع آخر زعيم للاتحاد السوفياتي، وأصغت ثاتشر لكبار مستشاريها في تشجيع غورباتشوف على إنهاء الحرب الباردة. وكانت النتيجة عالماً أقل خطراً، وروسيا أكثر تقدماً، ورئيساً أميركياً يؤدي دوراً عظيماً للتاريخ بدل الأدوار العادية للأفلام الكاوبوي.
النقاد الأوروبيون تعاملوا مع رونالد ريغان على أنه ممثل ممل وبلا موهبة، وبعض الصحافيين العرب من موزعي الألقاب، كانوا يصفونه، مرة واحدة، بالأحمق. والذين كرهوا غورباتشوف من عتاة الشيوعيين، وصفوه بالمخبول. علمتني الصحافة أن أتروى وأتأدب. ولا يحكم للسياسيين سوى التاريخ وما يتركونه لشعوبهم أولاً، وللبشرية ثانياً. لقد عشت كصحافي في زمن ريغان وغورباتشوف وثاتشر. الأول شن حرباً صورية مضحكة في غرانادا. والثالثة شنت حرباً مصورة في الأرجنتين. غورباتشوف جرَّه العسكريون إلى حرب أفغانستان، ثم عاد فجرَّهم منها بعد هزيمة مذلة.
الحرب الكبرى التي ربحها الثلاثة إنهاء الحرب الباردة.