عام الريح

عام الريح

عام الريح

 صوت الإمارات -

عام الريح

سمير عطا الله
بقلم: سمير عطا الله

الغريب في هذه المهنة «أن كل شيء يتحوّل إلى أدب» كما قال غارسيا ماركيز، العائد إلى بلدته بعد غياب. وإني خجل بالاعتراف أنه منذ تحول كورونا إلى وباء، لم أعد أتابع ضحاياه بقدر ما صرت أبحث عن أفضل المقالات وأجمل العناوين وأكثر التغطيات مهنيّة. وقد صُعقت بقوة الأدب، لا برهبة الحدث، عندما قرأت عنوان «نيو ستيتسمان» البريطانية «كورونا يغلق العالم». إذا كانت غاية العنوان الإخباري في الصحافة إيجاز الحدث في كلمات، فقد أوجز واضع العنوان وصف مرحلة تاريخية، في ثلاث كلمات. أي كلمة رابعة لا مكان لها ولا معنى.
هنا، الصحافة في ذروة امتحانها: ليس في المسألة رمز أو تلميح. بعوضة في حجم بعوضة تخاطب الذاهبين إلى المريخ والعائدين من القمر والمبحرين في أعالي المحيطات، قائلة، حاولوا أن تضبطوني. وأنتم من تظنون أنكم أسياد العالم، اعترفوا بأنكم تخافونني مثل قنبلة هيروشيما.
أفقت أمس لأجد أن العالم الغبي والعادي والبسيط لا وجود له. أول وأبسط عمل أقوم به هو الذهاب إلى المكتبة لشراء الصحف. أُلقي تحية الصباح، وأختار ما أريد، وأشكر وأمضي. أمس وجدت أمام المكتبة صفاً من الناس، وبابها مفتوح نصف فتحة، وكل مشترٍ يقول ما يريد، فيسلّم إليه من خلف الباب. لا وقت للتحيتين، في الوصول وفي المغادرة. ولا وقت للترحيب العفوي بالجميع، أهلين وسهلين.
والمدينة فارغة مثل الحرب، وخائفة أكثر مما في الحرب. بيروت التي كانت تقسم إلى شرق وغرب بمجرد خناقة في الطريق، يتحكم بجهاتها الأربع ذعر واحد. من صفات الأوبئة الجائحة، أنها تمحو الماضي وتزعزع المستقبل. مجموعة ضعفاء، وما من قبضاي واحد. والزعران في بيوتهم مثل الصالحين والطيّبين. وما من مكان يهربون إليه في قصور الطوارئ في باريس ولندن. المطار مغلق في وجه الجميع.
عبر القرون، نشأ شيء عُرف «بأدب الأوبئة». منها ما سمي «الموت الأسود» وما سماه جاك لندن «الموت الأحمر» عن الوباء الذي ضرب لندن أوائل القرن الماضي. وفي نهاية الرواية يتطلع إلى هذا العالم ويقول «زبد، لا شيء إلا الزبد».
يذهب الكثير من العرب للعلاج في ألمانيا، ما بين مستشفيات ميونيخ الفائقة التقدم وجنات المدينة وجمالها. شعرت بالخوف عندما سمعت الفراو ميركل تعلن خوفها وتُغلق حدود ألمانيا مع أرقى جوار في العالم. ذات مرات كنت أحلم بالتجوّل عبر تلك الحدود وأتأمل الشرفات المليئة بأحواض «الجيرانيوم» الأحمر، والواقفات خلفها مثل زينة للزهر.
أعادنا كورونا إلى أحزان القرون الوسطى وملاحم الإغريق وأساطير الآلهة الغاضبة والمجهول القادم في عام الريح.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عام الريح عام الريح



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:41 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا
 صوت الإمارات - الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا

GMT 20:34 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد
 صوت الإمارات - ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:01 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السجائر في الإمارات بعد تطبيق الضريبة الانتقائية

GMT 12:14 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 07:44 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

تامر حسني يعلن موعد عرض فيلم "الفلوس"

GMT 12:06 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

دندن يبحث سبل تعزيز التعاون مع جمعية الشارقة الخيرية

GMT 16:46 2016 الثلاثاء ,09 شباط / فبراير

تخفيض دائم على سعر جوال "OnePlus 2" إلى 349 دولار

GMT 08:23 2016 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

توزيع جوائز القصة القصيرة بالتعاون مع مؤسسة "بتانة" الثقافية

GMT 11:42 2015 الخميس ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

المصممون يضعوا لمسة "الأهداب" الأنيقة لأحذية الرقبة

GMT 23:56 2015 السبت ,11 تموز / يوليو

الأمطار تغرق المناطق المنخفضة في روالبندي

GMT 07:31 2013 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

"THQ" تُقرر عدم إصدار لعبة "Avengers"

GMT 09:19 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

واريورز ينتصر على دالاس مافريكس في دوري السلة الأميركي

GMT 08:25 2015 السبت ,14 شباط / فبراير

ظهور ضوء مبهر وصوت هائل في سماء نيوزيلندا

GMT 10:51 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أمل رزق تستعد للمشاركة في مسلسل "للحب فرصة أخيرة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates