ما تبقّى من حكمة

ما تبقّى من حكمة

ما تبقّى من حكمة

 صوت الإمارات -

ما تبقّى من حكمة

سمير عطا الله
بقلم: سمير عطا الله

تقول «الفايننشال تايمز»، إن الأزمة الاقتصادية الراهنة في لبنان سوف تؤدي إلى نهاية الطبقة الوسطى وتمدد الطبقة الفقيرة. ولبنان ليس أول بلد عربي تنهار فيه هذه الطبقة التي قال الملك سلمان بن عبد العزيز، قبل ثلث قرن، إن على متانتها تقوم الدول.
يومها كان أمير منطقة الرياض يدشن المبنى الجديد لجريدة «الرياض». وفي خطابه شدد على أمرين في كيان المملكة: عروبتها الأساسية وتنمية الطبقة الوسطى في المجتمع، لأنها الطبقة التي بنت الدول عبر التاريخ. وهذه الطبقة هي التي بنت نهضة لبنان العمرانية والثقافية منذ قيامه منذ مائة عام إلى اليوم. هي طبقة الجامعات والمهن الحرة والتجارة والوظائف والقطاعين العام والخاص.
لكن تدهور النقد وانهيار الاقتصاد والانتقال من الأزمة إلى الكارثة يعني أن المستوى المعيشي الذي كان يتمتع به الضابط والسفير والمدرس ومدير الشركة، أصبح لا يساوي شيئاً. لقد أدّى فساد السرقة والهدر والنهب إلى حالة اهتراء سريع ومفزع لم يعرف البلد مثيلاً له في أي مرحلة من مراحل التاريخ.
وفي الماضي، كان يمكن للناس أن تتعايش مع النهب السائد، لأن الوضع النقدي والاقتصادي كان سليماً. أما الآن فقد أصبح مشهداً عادياً ما كان بالأمس لا معقول: رجال يبحثون عن قوتهم في أكياس الفضلات. لا يعزي إطلاقاً أن دولاً كثيرة سبقت لبنان إلى انسحاق طبقته البانية. ثمة دعاء مصري يقول: «بالستر والصبر الجميل». الطبقات المستورة بدأت تُذل في لبنان. والذين يعيشون على الوجبات المجانية تضاعفت أعدادهم. وسوف تؤذي كارثة الدولار المتبرعين أيضاً.
يرافق هذا التفكك السياسي والانهيار المالي محاولات ترميم يقوم بها رئيس البرلمان، الأستاذ نبيه بري. ففي هذا التداعي السريع وانعدام الوعي والحكمة والرأفة بالوطن والمواطن، فتح الرئيس بري بيته للمصالحات الوطنية. ويتطلع الناس إليه كمرجع أساسي في محاولات الانتشال الأخيرة. وفي هذه الفوضى الكارثية الحارقة من جنون العصبيات الصغيرة والكبيرة، استطاع هو البقاء فوق هذا المد الجارف، الذي يهدد كل شيء، من حجر الزاوية إلى الحصاة التي تحميه.
في زمن الهوس يقل الحكماء. أو يتراجعون أمام فيضان النفوس الصغيرة. لكن في الوقت الذي تحولت المرجعيات الأخرى إلى فرق وأحزاب واستلحاقات، لعب بري الدور الذي لعبه دائماً: ميزان الدولة ومرجع الناس. وفي هذا المعنى أطفأ براحة يده حريق التهور، وأخذ على نفسه حماية الضعفاء فيما ساحة المصارعة الرومانية تهتف: اقتلوه. أي اقتلوا المصارع، وليس الأسد.
كم يشبه لبنان ساحات المصارعة الرومانية. أحقاد تهتف للقتل، ودولة غائبة. والحمد لله على الحكمة الباقية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما تبقّى من حكمة ما تبقّى من حكمة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 09:42 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

"بيوتي سنتر" مسلسل يجمع شباب مصر والسعودية

GMT 22:57 2019 الأربعاء ,06 آذار/ مارس

بن راشد يعتمد 5.8 مليار درهم لمشاريع الكهرباء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates