دار خارج المنزل

دار خارج المنزل

دار خارج المنزل

 صوت الإمارات -

دار خارج المنزل

سمير عطا الله
بقلم: سمير عطا الله

آخر مقاهي الأدباء والفنانين في بيروت كان «الهورس شو» في وسط شارع الحمراء. أغلقته الحرب الأهلية في السبعينات، وعندما انتهت عام 1989 افتتح صاحبه، منح الدبغي، مقهى آخر على بعد نحو كيلومتر، سماه «سيتي كافيه». وأصبح ممن بقي من الزبائن القدامى ضيوف المقهى الجديد، بداخله وشرفته: صحافيون ورسامون وسياسيون وممثلون. ومن أجل الاختلاط بهم، كان يتدروش أحياناً رفيق الحريري لتناول كوب من الجيلاتي.
غاب مداومو «السيتي كافيه» ومدمنوه من «الجيل الأكبر» واحداً تلو الآخر: الرئيس أمين الحافظ والمفكر منح الصلح والزميل نبيل خوري وغيرهم، وغابت معهم روح المقهى في صورته الفكرية، وبعد قليل دبّ السأم والكبر في منح الدبغي، فأغلق المقهى وتقاعد، وأخذ معه اللوحة التي تضمّ صور روّاد «الهورس شو» ووريثتها وما كتب عنهما عبر سنوات بيروت الجميلة.
وبدورهم تفرّق الروّاد وأصبح معظمهم من دون مقهى أو ملتقى. ولا أعرف أين أذهب فلم يعد لي مقهى دائم. قبل الحرب كنّا نداوم في «الهورس شو» الليل والنهار وما بينهما، لأنها تبعد عن مبنى «النهار» نحو خمسمائة متر. وبعد الحرب اقتصر دوامي في «السيتي كافيه» على غداء كل خميس مع أمين الحافظ. وكان يحضر أيضاً أحمد شوقي، الذي يحفظ أمين، كل إمارته.
مع إغلاق «السيتي كافيه» انتهى، بالنسبة إليّ، زمن المقهى. وكان زمناً ممتعاً يظنّ المرء أنه يبدد فيه وقته وهو في الواقع يفيد منه. إنه منبر روما القديمة. وفيه كنّا نتناقش في السياسة والأدب والفنون والشعر. وكان ضيوف بيروت من منفيين سياسيين ومنفيين أدباء يشعرون بألفة ووحدة حال مع هذا الصف المتنوع من واجهة الثرثرة البيروتية. وكان يحضر الآيديولوجيون أخفاء وظرفاء وثقلاء مثل مستحقات آخر الشهر. وكأن بعضهم يسمى «الكمبيالة»، أي سند الدفع. وفي مثل ذلك العمر كانت كل الديون جائزة بما فيها الاستدانة من منح الدبغي، أو حتى من كبير النوادل.
إلى حدٍّ كبير، كان المقهى جزءاً من البيت. أو من المكتب. إنه ثالثهما في كل حال. وكان الأصدقاء الذين يأتون من العالم العربي يتوجهّون مباشرة إلى «الهورس شو» من دون هاتف مسبق. لم يكن أحد قد تخيّل الجوال آنذاك. وقد أمضيت السنوات الأولى من الزواج من دون هاتف في المنزل، لأن الحصول عليه كان صعباً ويتطلب وساطات كثيرة.
جميع المواعيد الآن في مطعم. لا مجال لأن تلتقي صديقاً من دون ثلاثة آلاف وحدة حرارية. وأين المطاعم من أنس المقاهي. وخصوصاً من «سترتها». كلما كنت أسأل منح الدبغي: «كيف الشغل» يقول: «الحمد لله، الصحة منيحة، أما الشغل فكيف تتوقع أن يكون على ثمن فنجان قهوة».
ما زال المقهى مزدهراً في القاهرة. أو في مصر عموماً. ثمة حصة صغيرة لي، وثمة حصة أخرى في باريس. المساء في السان جرمان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دار خارج المنزل دار خارج المنزل



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة - صوت الإمارات
نجوى كرم النجمة اللبنانية وعضو لجنة تحكيم برنامج "Arabs Got Talent" في موسمه السابع؛ مع كل حلقة تعرض تشاركنا بصور لها من كواليس البرنامج، وتسلط الضوء باستمرار على إطلالاتها الجذابة التي خطفت بها الانتباه وقت التصوير، حيث تألقت نجوى كرم بإطلالات استثنائية جعلتها محل اهتمام الجمهور خلال البرنامج، وشاركتنا بأجمل صورها على انستجرام، فدعونا نأخذكم في جولة على أجمل الإطلالات التي ظهرت وسوف تظهر بها نجوى كرم في حلقات الموسم السابع من برنامج اكتشاف المواهب الشهير. الإطلالات الناعمة الخالية من التفاصيل المبالغ فيها؛ كانت خيار لافت للنجمة اللبنانية تزامنًا مع تحضيرها للبرنامج الشهير أو تصوير بعض الحلقات، فظهرت مؤخرًا بإطلالة باللون الأبيض جاءت مكونة من فستان طويل بتصميم كلاسيكي، جاء من الأعلى بأكمام طويلة وياقة عريضة ومفتوحة على ...المزيد

GMT 23:07 2014 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجمات مصريات يسترجعن رشاقتهن ويخسرن أوزانهن بحمية صارمة

GMT 08:02 2014 الثلاثاء ,23 أيلول / سبتمبر

أمير منطقة نجران يفتتح معرض للصور التاريخية

GMT 12:03 2018 الإثنين ,21 أيار / مايو

ممارسة الرياضة خلال منتصف العمر تحمي القلب

GMT 18:59 2018 الخميس ,26 إبريل / نيسان

تعرف على أخطر الرحلات السياحية في العالم

GMT 06:43 2013 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الموسم الجديد من برنامج "تاراتاتا" على "روتانا مصريَّة"

GMT 13:46 2013 الجمعة ,09 آب / أغسطس

أزمة ثقة في الطاقة النووية في شمال آسيا

GMT 19:18 2016 الخميس ,04 شباط / فبراير

حلقة خاصة عن العلاقات الزوجية على الراديو 9090

GMT 12:16 2013 الجمعة ,12 تموز / يوليو

"الفلّاقة" يقرصنون موقع جريدة الصّريح

GMT 13:27 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

10 حيل فعالة لمساعدة طفلك على التركيز أثناء المذاكرة

GMT 01:08 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

برشلونة لا ينوي دفع أموالاً إضافية لـ "ليفربول" بسبب كوتينيو
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates