هجرة الشوام الجديدة إلى مصر

هجرة الشوام (الجديدة) إلى مصر

هجرة الشوام (الجديدة) إلى مصر

 صوت الإمارات -

هجرة الشوام الجديدة إلى مصر

سمير عطا الله
بقلم: سمير عطا الله

كلَّما أزعلتنا بيروت وأزعلت نفسها واكفهرّ وجهها الباسم، رحنا نبحث عن المدينة الأقرب إليها شبهاً لا موقعاً. وفي الحرب توزّعنا على أبعد الأمكنة كما فعل جدودنا من قبل: أميركا وكندا وأفريقيا والخليج وأوروبا. والهجرات البعيدة لا تعيد المهاجرين. معظمهم يستقرّ ويتلبّد ويكتفي من الحنين بالحنين. ثمّة فريق عبقري أدرك ضرر البعد فبحث (أيام البواخر) عن مهجر يعاد منه بين الحين والآخر. وبدل البرازيل والتشيلي، ورحلة الشهرين، حلّوا في مصر: خدماً أو باشاوات وأساتذة وعمّالاً وصناعيين وفنّنين وصحافيين أباطرة أو صحافيين غلابة.
كانت مصر آنذاك اقتصاداً مزدهراً وورشة مفتوحة وتنافساً بين الجنسيّات. وفي هذا المناخ من الازدهار والفيض، كان هناك مكان للجميع: يونان وطلاينة من حوض المتوسط المشترك، ومعهم الشوام، كما عُرف السوريون والفلسطينيون واللبنانيون والعراقي نجيب الريحاني، أسطورة المسرح الضاحك وشاشة الأسود والأبيض. تزوّجت ملكة الكباريهات بديعة مصابني من العراقي نجيب الريحاني، وتزوّج الكردي أنور وجدي من اليهودية ليلى مراد وأصبح صوت الدرزية أسمهان صدّاح مصر. ولم يجد استيفان روستي الإيطالي أيّ ضرورة في اختيار اسم عربي، بينما غيّرت بولا لطفي التي من أب فلسطيني، اسمها الأوّل إلى نادية، لتكتسح الشاشة مثلها مثل السورية سعاد حسني.
وبعد التأميم وعدوان السويس والمناخ القومي، تراجع إلى حدّ بعيد الوجود الأجنبي في مصر. لكن القاهرة ظلّت هي جامعة العرب في التعليم وفي حقول كثيرة. وبقيت إلى زمن السينما عربية، ثم التلفزيون. وبقيت القاهرة على كثير من رونقها برغم علامات التعب وزحمة القادمين إليها من الأرياف والسواحل. والآن كلّما أزعلتني بيروت أو أخافتني، أقول في نفسي، المسألة محسومة، ليس هناك سوى الزمالك والدقّي والمعادي والعشاء على النيل. الهجرة إلى مصر ليست غربة. أفكّر في القاهرة كثيراً كلّما اضطربت بيروت في توحّش السياسة والسياسيين. في امتهان الدولة. في جشع السلطة الذي لا نهاية له. في عجرفتها المشينة. وأعترف طائعاً أنني لست في حاجة إلى سبب لكي أحنّ إلى القاهرة أو أشتاق إليها. هي السبب. تعجبين من سقمي، صحّتي هي العجب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هجرة الشوام الجديدة إلى مصر هجرة الشوام الجديدة إلى مصر



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 13:17 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك ظروف جيدة خلال هذا الشهر

GMT 18:02 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

برابوس تكشف عن "مرسيدس E63 AMG" بقوة 789 حصان

GMT 00:59 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حبوب البن تقي الجسم من أمراض كثيرة

GMT 15:06 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

طُرق بسيطة بشأن تحويل حديقة صغيرة إلى أخرى مُميَّزة

GMT 09:16 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

مطاعم مراكش بديكوراتها الجديدة تستضيف العام الجديد 2016

GMT 10:48 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حاكم الشارقة يفتتح أعمال "الاتحاد العربي للنقل الجوي"

GMT 08:22 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

لاعبة ترفض الوقوف حدادا على مارادونا بسبب "أفعاله"

GMT 18:44 2020 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

مصر.. اقتراح قانون في البرلمان لتجريم زواج القاصرات

GMT 14:04 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الرئيس الجزائري يُقيل رئيس "سوناطراك"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates