هيّه دي الحكاية سيادتك

هيّه دي الحكاية... سيادتك

هيّه دي الحكاية... سيادتك

 صوت الإمارات -

هيّه دي الحكاية سيادتك

سمير عطا الله
بقلم: سمير عطا الله

يروي عمر البشير في فيلم وثائقي قدمته «العربية» كيف أعدم عام 1990 ثمانية وعشرين ضابطاً من البعثيين وتم دفنهم في «بيوت الأشباح». يقول الضابط السوداني إن السلطة ظلّت تماطل في تأجيل العملية حتى حلول شهر رمضان «فأعدمناهم ودفناهم وانتهت الحكاية».
لو كنت في مسابقة افتراضية وسئلت أي فقرة هي الأكثر فظاعة في الرواية، ماذا تختار: «أعدمناهم»؟ «دفناهم»؟ «تعقبناهم»؟ إلى آخره؟ بالنسبة إلي ما من عبارة أكثر همجية من القول: «وانتهت الحكاية». إعدام 28 ضابطاً من دون محاكمة، هي مجرد حكاية تروى للجيش الذي ينتمون إليه، لأمهاتهم وآبائهم وأبنائهم وأرامل المتزوجين منهم. حكاية وخلصت.
عندما بدأت محاكمة السيد عمر، اقترحت، وسط استنكار واستهجان كثيرين، أن تمنع المحاكمة عن فخامته، لأن لا فائدة منها. فالضرر الذي لحق بالسودان لا يعوض، ولا عقاب ينسي الناس دارفور وانفصال الجنوب والتحرّش الدائم بمصر، والسجون والمنافي والإقامات الجبرية التي وضع فيها البلاد.
أي حكم لن يكون عادلاً. وفي المقابل سوف يتعرّف السودانيون إلى فصل مضحك وهمجي ومليء بالدماء والخرافة، والرقص بالعصا في المهرجانات الشعبية، سواء كان السيد عمر غاضباً أو مبتهجاً أو مدافعاً عن الجنجاويد. أنا ضد المحاكمات المشابهة في العالم العربي لأن معظمها إهانة للشعب المعني وللشعب العربي بصورة عامة. ولأن لا نهاية لها. ولأننا مهما عرفنا سوف نعرف شيئاً وتغيب عنا أشياء.
غالباً ما تحولت المحاكم العربية مساطر ومسرحيات بدءاً بـ«محاكمات المهداوي» الشهيرة في العراق. وما زال القضاء العربي يتردى منذ ذلك الوقت. وما زال الظلم مزدوجاً ومن يسبق يسوق الآخر إلى السجن أو «بيوت الأشباح» كما في «حكاية» السيد عمر في مؤامرات الحفاظ عليه، ورمي الرفاق في السجون بسهولة ارتشاف فنجان قهوة. أو شاي.
هل من الضروري أن يستعيد أهل السودان كل تلك الذكريات الآن، وأن يعرفوا أكثر مما عرفوا بكثير في ظل أي حكم كانوا يعيشون؟
العقد النضالي مع كارلوس ثم تسليمه إلى فرنسا في صفقة شبيهة بقبوله؟ المشاركة مع أحمد حسن الترابي ثم سجنه؟ منح الخرطوم لأسامة بن لادن ثم منحه باب الخروج؟
المحاكمات العربية مسلسلات مملة تسالٍ دامية وهزلية ومريعة ولا تعيد شيئاً مما فقدته الشعوب. «انتهت الحكاية». هذا كل ما في الأمر. 28 ضابطاً لا يعودون إلى ثكناتهم ولا إلى بيوتهم ولا حتى إلى جنازات لائقة بل يرسلون دفعة واحدة إلى «بيوت الأشباح».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هيّه دي الحكاية سيادتك هيّه دي الحكاية سيادتك



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 09:42 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

"بيوتي سنتر" مسلسل يجمع شباب مصر والسعودية

GMT 22:57 2019 الأربعاء ,06 آذار/ مارس

بن راشد يعتمد 5.8 مليار درهم لمشاريع الكهرباء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates