مفكرة القرية بلبل العنب والتين

مفكرة القرية: بلبل العنب والتين

مفكرة القرية: بلبل العنب والتين

 صوت الإمارات -

مفكرة القرية بلبل العنب والتين

بقلم: سمير عطا الله

يبدأ سبتمبر (أيلول) أواخر أغسطس (آب). تلك عادة قديمة في حركة الشهور، قلما تتغير. تبدو الأرض في عز الامتلاء وأحمال الشجر في ذروة الاستواء. الأغصان منحنية مثقلة بألوان النضوج وجنون المواسم. التفاح أحمر الوجنات، والعنّاب حائر إلى جانب العنب، والتين يذرف عسلاً، والزيتون في انتظار المطرة الأولى كي يصح قطافه، وورق أصفر ثقيل يتسلل إلى مشهد القطاف كما يتسلل الشيب خلسة إلى الأعمار. ثم يتزايد. ومن تل إلى تل يطل ضاحكاً ساخراً مغروراً عازفاً موسيقى الفرح، هذا الكائن المجنح اللعوب المدلل وأجرأ الطيور. السيد، أو بالأحرى، اللورد بلبل. يطل مزهواً، متشاوفاً، مدندناً موسيقى الفالس والتانغو ومقدمات المؤلفات الكبرى.

وإن تصدق أي عرض يقدم لك هذا الولف الأليف المغني. يغط على جفونك ويحط على كتفك ويردد تعاويذ إبعاد الكآبة ثم يتأملك متسائلاً: هل أكمل؟ ويكمل. يقفز إلى الوردة الجورية القريبة، ويؤرجح نفسه ويعزف للأرجوحة لحناً مختلفاً مثل السامبا البرازيلية في أيام الكرنفال. ويخيل إليك أن الحفل على وشك الانتهاء، وأنه من غصون الورد سوف يحلق بعيداً عائداً إلى بيته في مكان ما، أو ذاهباً إلى حديقة أخرى وكتف آخر وحاجبين آخرين. لكنه يقفز عائداً إليك مداعباً، ساخراً منك. هو يقرر متى يأتي ومتى يذهب ومتى يعود. بأي موسيقى يطل وأي عزف يؤدي على كتفك. هو سيد العلاقة - لا أنت.

 يشدو ويرقص ويطارد على الأرض حبوب العنب التي ترميها إليه. ويجب أن تكون بيضاء وإلَّا لا يلتفت إليها لو ضُربت الأرض بالمجاعة. لكن عندما تكون حبة العنب بيضاء يخيل إليه أنها حبة لؤلؤ. ويبدو أنه كان يعمل في الماضي سارق لؤلؤ، فيحملها في منقاره الصغير ويخطفها مثقلاً ويغيب قليلاً، كأنه يصنع منها عقداً، أو كأن حضرته ينوي افتتاح محل لبيع اللؤلؤ الصناعي لمنافسة اليابانيين.

يمنعني هذا الملحن اللذيذ من القيلولة. يسمرني أنتظر أن يطل ثم إن يبقى ويمتعني بأغانيه وألاعيبه وخفة ظله. ولا أعود أعرف الطفل هو أم أنا. وأستعيد طوعاً قصيدة الأصمعي «صوت صفير البلبل». مع أن اللغويين يقولون إنه لا يمكن أن تكون له، لما فيها من أخطاء. ودفاعاً عن ذي الجناحين الصغيرين فوق كتفي أقول، هل يعقل أن يسمي أحد ملوك اللغة صوت البلبل صفيراً؟ لكنها تغريدة شعرية حلوة في أي حال:
وأنت يا سيد لي
وسيدي ومولى لي
فكم وكم تيَّمني
غزيل عقيقلي فقال لا لا لا لا لا
وقد غدا مهرول
والعود دندن دنا لي
والطبل طبطب طب لي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفكرة القرية بلبل العنب والتين مفكرة القرية بلبل العنب والتين



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 09:42 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

"بيوتي سنتر" مسلسل يجمع شباب مصر والسعودية

GMT 22:57 2019 الأربعاء ,06 آذار/ مارس

بن راشد يعتمد 5.8 مليار درهم لمشاريع الكهرباء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates