انفجار يتذكر آخر

انفجار يتذكر آخر

انفجار يتذكر آخر

 صوت الإمارات -

انفجار يتذكر آخر

سمير عطا الله
بقلم: سمير عطا الله

تُليت الاتهامات في اغتيال الرئيس رفيق الحريري في محكمة تبعد قارة عن ساحة الجريمة. وفي القاعة التي بنيت خصيصاً في عاصمة القانون الدولي، غاب المتهمون الرئيسيون، وغاب الشهود العارفون. مجموعة كبرى من السياسيين والعسكريين والأمنيين، غابت في ظروف غامضة، وأحداث لا تحقيق قضائياً فيها ولا أثر.
مليار دولار و15 عاماً من أجل البحث عن مجهول لا يريد أحد معرفته. وكلما كانت المحكمة تقترب من إعلان شيء ما، كانت تخشى أن تتحول العدالة في رجل إلى حرب في وطن. وظلت تؤجل إلى أن تزامن الإعلان مع انفجار أنسى بيروت ولبنان والعالم، ذلك التفجير الذي أودى فقط بـ21 قتيلاً وأصاب 200. عدد متواضع وانفجار عادي، مقارنة بما سيضرب بيروت في سلم التفجيرات.
هذه المرة لن تُنقل القضية إلى لاهاي، ولن يقام للمحكمة مبنى خاص في وحشة المدينة الهادئة التي تنام قبل بث نشرة الأخبار. ما من أحد في أهمية رفيق الحريري أو رموزيته، كي تحال المسألة على القانون الدولي. يكفيهم، الـ200 قتيل و6 آلاف جريح و300 ألف مشرد، يكفيهم تحقيق محلي من الطبقة الأولى، وبكلفة متهاودة، أيضاً بالعملة المحلية.
ألا يخطر لك أن تتساءل، وأنت تستعرض أحداث هذا البلد وقنابله ومنابره وشاحناته المحملة قتلاً، أي نوع من الشعوب هو هذا الشعب، الذي ينهض من بين الغبار والركام، ويلملم جراحه، ويلملم بقايا وطنه، ويعيد ترميم الأبواب المخلعة والنوافذ، فيما السلطة تثرثر فوق بقاياه؟.. هل شاهدت في الأخبار تلك الجدة التي جلست في الجميزة تعزف على البيانو «نشيد الوداع»، والبيانو هو كل ما بقي في البيت؟
أحزنني، قدر الانفجار، أن الأبواب والنوافذ المخلعة، كشفت عن كل ذلك البؤس والفقر في المدينة. وأحزنني أن المذيعات والمراسلين بكوا وهم ينقلون كل تلك الكآبة إلى الناس. وتعزيت بأن رئيس الجمهورية أوعز إلى وزير الداخلية بأن «تكون الجهوزية كاملة». وصاحب المعالي هو الرجل الذي وعد الأمة بعد الانفجار بأن التحقيق سوف يكشف المسؤول خلال خمسة أيام. ولو أكمل لقال، أو خمسة أشهر، أو خمس سنوات، أو خمسين عاماً.
في المقابل تبيَّن للبنانيين أن لديهم أفضل الأطباء وأشجع الممرضات، وأنبل الملهوفين، وأقدر رجال الإطفاء وفرق الإنقاذ، وأجمل المتطوعين.
كان يفترض أن تخرج بيروت لتصغي إلى القرارات في اغتيال الرجل الذي اغتيل لأنه أعاد بناءها، فإذا بها تخرج باكية بين الحفر والركام والخراب والأنين. وجدّة تعزف البيانو.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انفجار يتذكر آخر انفجار يتذكر آخر



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:45 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 20:00 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

مطعم "هاشيكيو" الياباني يغرم كل من لا يُنهي طعامه

GMT 13:11 2019 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

"جيلي الصينية" تكشف مواصفات سيارة كروس "جي إس"

GMT 05:09 2015 الخميس ,05 آذار/ مارس

انطلاق فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب

GMT 05:58 2015 الثلاثاء ,10 شباط / فبراير

سلسلة "جو وجاك" الكارتونية تطل عبر شاشة "براعم"

GMT 22:28 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

جورجينا رزق تبهر الأنظار في أحدث إطلالاتها النادرة

GMT 21:17 2017 الثلاثاء ,18 إبريل / نيسان

حارس نادي الشعب السابق ينتظر عملية زراعة كُلى

GMT 22:33 2013 الأحد ,28 إبريل / نيسان

"إيوان" في ضيافة إذاعة "ستار إف إم"

GMT 13:10 2013 الجمعة ,08 شباط / فبراير

الحرمان يطال 2.3 مليون طفل في بريطانيا

GMT 07:27 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

"إم بي سي" تبدأ عرض"مأمون وشركاه" لعادل إمام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates