ابنة محمود درويش

ابنة محمود درويش

ابنة محمود درويش

 صوت الإمارات -

ابنة محمود درويش

سمير عطا الله
بقلم: سمير عطا الله

أيهما أكثر أهمية: أنه كان لمحمود درويش ابنة من امرأة متزوجة لم يعرف بها أحد، أم أن محمود درويش كان الشاعر الذي به عُرِفت قصيدة فلسطين؟ وأيهما أكثر أهمية: أن محمود درويش كان سريع الملل من النساء، أم أن شعره كان يزداد روعة قصيدة بعد أخرى؟ وهل الأهم في ديوان الأدب أن محمود تزوج وطلق وهام وتاه وطفق ومضى، أم أنه صاحب الأنشودة المعنونة بـ«أحد عشر كوكبًا»؟
هناك زوبعة أدبية هذه الأيام أثارها الشاعر سليم بركات بادعائه أن محمود درويش كان يعده «ابنه»، وأنه كانت له ابنة لم يهتم بها.
أما الادعاء الأول، أي الأبوة، فلا يشبه محمود. ليس مستحيلاً، لكنه لا يشبهه. تعابير مثل «الأبوة» ليست في لغة محمود درويش. التبني الأدبي عجرفة لا يقْرُبها. وكان يمكن أن يقول في سليم بركات، أو في شعره، أي شيء. فقد كان حانياً عطوفاً عالي المشاعر، لكن «الأبوة» كانت خارج بساطته. لذلك هرب منها في الواقع وفي الرمز. وأما الادّعاء الثاني، فلو كانت له ابنة لوقف عند بابها حتى وفاته، ولكان غمرها بالعطف والمساندة، ولكانت ظهرت في كل بيت من شعره.
سليم بركات حرّ في تخيّل نسب الأبوة الأدبية. إنه أمر إنساني محتمل، مهما استبعدناه في قاموس محمود. ففي لحظة ما، كان يمكن للشاعر أن يرقّ إلى الأديب الناشئ المصرّ على مظهر التشرد والصعلكة، فيقرر أن يسبغ عليه الأبوة الرمزية.
أما أن يتنكر محمود للأبوة الحقيقية، مهما كان بوهيمياً، فلماذا لم يعترف بهذا السر إلا لسليم بركات؟ هناك أصدقاء كثيرون وصديقات كانوا في حميميات محمود واعترافاته وبوحه، فلماذا لم يفرِّج هذا السر عن صدره أمام أحد منهم؟
لا نريد بعد كل هذا أن ننفي عن محمود درويش الصفة البشرية. كان شاعراً عظيماً وإنساناً ضعيفاً سريع العطب سريع التأثر سريع الهرب مما هو فيه. صفات الشعراء جميعاً، لكنها مجسّمة أكثر فيه، وفي صراحته ووضوحه مثل مصباح شديد النقاء.
عندما يكتب الأدباء مذكراتهم متأخرين، يميلون غالباً للإضافة إلى مراتبهم، ويضخمون الماضي لكي يصبح أكثر إثارة وأهمية. لكن في الشعر وفي الأدب لم يكن لمحمود أصدقاء أو زملاء. لم يكن يدخل في مشاحنات ومبارزات في العلن، لكنه كان ضمناً لا يكن كثيراً من الإعجاب للشعراء العرب. وعند الاضطرار، كان يلجأ إلى تعابير مبهمة مؤدبة لا تلزمه في شيء.
داخل الثوري البطل رجل القضية، كان في محمود عاشق ضعيف، عاشق يخاف دائماً أن المرأة التي تطارده تخونه مع سواه. أما هو، فبدل أن يخونها، كان يقول لها: «لقد أصبحت أشعر نحوكِ بحب أخوي».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ابنة محمود درويش ابنة محمود درويش



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 18:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 صوت الإمارات - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 صوت الإمارات - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 صوت الإمارات - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 صوت الإمارات - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 01:44 2018 السبت ,29 كانون الأول / ديسمبر

جيمي أيوفي يستمتع مع أسرته في "أتلانتس دبي"

GMT 10:11 2012 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الطاقة الإثيوبي: في طريقنا لاستكمال مشروع سد النهضة في 2015

GMT 19:07 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

اسباب تضخم الكبد وطرق العلاج

GMT 18:36 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

صفّ السيارات يتسبب في مشاجرة بالضرب بين رجل وفتاة في تكساس

GMT 20:58 2013 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

أول اجتماع لرئيس التليفزيون لبحث تطوير القنوات المصرية

GMT 06:43 2015 الجمعة ,19 حزيران / يونيو

الطقس في الإمارات الجمعة مغبرًا جزئيًا

GMT 01:51 2016 الثلاثاء ,29 آذار/ مارس

افضل التصاميم البارزة لأحذية ربيع 2016

GMT 11:53 2013 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

اختتام مسابقة الخطابة باللغة العربية للجامعات الصينية

GMT 22:33 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

إطلالة مثيرة للموديل هايدي كلوم في حفل "أمفار"

GMT 02:28 2014 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

"الإسلاميّون" يعتبرون "العلمانيّة" ارتدادًا عن الدين

GMT 14:55 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

طاهية تصنع قطار من خبر الزنجبيل "بالحجم الطبيعي" في سيدني

GMT 22:11 2013 الأربعاء ,29 أيار / مايو

الموسيقى المعاصرة على "راديو فرنسا" الأربعاء

GMT 03:26 2013 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

مجدي يعقوب يجري 3 عمليات "قلب مفتوح"

GMT 15:12 2013 الإثنين ,30 أيلول / سبتمبر

جامعة عثمانية إحدى أبرز جامعات الهند وآسيا

GMT 18:29 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

الجامعة الأميركية في الإمارات تنظم مؤتمرًا عن "الناتو"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates