بقلم: سمير عطا الله
كان كوامي نكروما أول أفريقي يصبح رئيساً للوزراء في مستعمرة أفريقية، وأحد أبرز الشخصيات الأفريقية في النصف الأول من القرن الماضي. تلقّى علومه لسنوات عدة في الولايات المتحدة، لكنه تبنى المبادئ الاشتراكية في عمله السياسي، وكان أحد قادة حركة عدم الانحياز ومؤسسيها وأحد رواد الحركة القومية في القارة السمراء.
كانت غانا تسمّى قبل الاستقلال «الساحل الذهبي». أما «غانا» فهو الترجمة المحلية للاسم الذي أطلقه عليها الإنجليز. وكانت التجربة الغانية مع نكروما معدة لأن تصبح النموذج المثالي في أفريقيا المستقلة حديثاً، لكن الفساد الإداري والرشوة والمحسوبية ما لبثت أن دمرتها وحوّلت أول تجربة ديمقراطية في أفريقيا إلى درس في الديكتاتورية.
كانت أكرا العاصمة أيضاً، إحدى أجمل العوالم في أفريقيا. وحين استقلت البلاد اتخذت الحكومة لنفسها مقراً في مبنى أقامه في عام 1661 تجار الرقيق الدنماركيون، وكانوا قد اشتروا الأرض التي أقيم عليها بسبعة ألواح من الذهب. ثم جاء البرتغاليون فاحتلوا هذه القلعة البيضاء الجميلة، وعاد الدنماركيون فاحتلوها من جديد.
ولما أصبحت البلاد تحت سلطة البريطانيين، حوّلوا القلعة إلى مصحٍ للأمراض العقلية. لكنها منذ عام 1900 أصبحت مقر الإدارة، ثم الحكم الوطني.
بدأ كوامي نكروما حياته السياسية يسكن في ضاحية من ضواحي أكرا في منزل أعاره إياه صديق له، وهو مصور غاني ثري. وحين اقتنى أول سيارة كاديلاك سوداء، سرت الإشاعات في البلاد أن أحد الميسورين المشبوهين قدمها له لقاء بعض الخدمات. لكن نكروما نفى الأمر، وقال إنه استدان المبلغ لشراء السيارة. أما في أواخر عهده، فكان معروفاً عنه أن زوجته تنام في سرير مصنوع من الذهب.
ولد نكروما في عام 1909 في قرية صغيرة تدعى نكروفل قرب حدود ساحل العاج الفرنسي آنذاك. وقد سمي «كوامي»، التي تعني السبت باللغة المحلية، لأنه ولد ذلك النهار. وتلقى علومه الأولى لدى المبشرين، ثم أصبح مدرساً وهو في الثامنة عشرة، وأرسله أحد أعمامه إلى جامعة لنكولن في بنسلفانيا، وهي إحدى أهم المؤسسات العلمية الزنجية في أميركا، وهناك أصبح يومها رئيس رابطة الطلاب الأفارقة في أميركا وكندا. وبعد أميركا، أمضى نكروما سنوات عدة في جامعات لندن، ولما عاد وعمل في السياسة، انتخب رئيساً للوزراء.
وفي عام 1960 أعلن قيام جمهورية غانا، وأعلن نفسه رئيساً مدى الحياة. لكن انقلاباً عسكرياً أطاح به وهو يقوم بزيارة إلى بكين في عام 1966. وكان رد فعل الجماهير التي كانت تهتف له بالآلاف أنها هتفت هذه المرة فرحاً. وقد توفي أول زعيم أفريقي يحمل الاستقلال إلى بلده، بعد مرض طويل ومنفى طويل في عام 1972.