من مقالات نجيب محفوظ

من مقالات نجيب محفوظ

من مقالات نجيب محفوظ

 صوت الإمارات -

من مقالات نجيب محفوظ

بقلم : سمير عطا الله

كتب فيلسوف الرواية نجيب محفوظ في كل شيء بدءاً بالفلسفة التي درسها، وصولاً إلى الرواية التي عظُم بها وعظمت به. تميزت مقالاته بالاقتضاب، والحكمة، والعمق، والبساطة.

ودائماً بحضور الإنسان وحقوقه، وواجباته، وعلاقته بدولته، ومواطنيه. طبعاً مصر أولاً وأخيراً، وما قبل الأول، وما بعد الأخير.

دُهشت وأنا أعيد قراءة مجموعة المقالات أن بينها واحداً عن لبنان. كان ذلك في بدايات الحرب عام 1977، تقرأه وكأنه كُتب الآن: التفكر الحر، والضمير والرؤية الكبرى.

أرجو أن تقرأوا معي هذه السطور التي من ماس وذهب:

قيل في تفسير مأساة لبنان كل ما يمكن أن يقال. قيل: إنها نتيجة لمؤامرات عالمية. وقيل: إنها نتيجة لخلافات عربية. وقيل: إنها نتيجة للنظام اللبناني نفسه القائم على الطائفية. وقيل: إنها نتيجة حتمية للوجود الفلسطيني في لبنان. وربما كانت المأساة نتيجة لتلك العوامل المجتمعة.

ولو صح أن قوى عالمية هي المسؤولة، أو هي المشاركة في المسؤولية، لكان لحقَّت على القيادات، المباهية بعظمة حضارتها، لعنة مزرية، تسلبها أي جدارة لريادة بشرية. ولن يعتذر عن الجريمة ما يقال عادة من أن جرائم صغيرة خير من مواجهة عملاقة تطيح الحضارة من جذورها. إنه عذر أناني يعني في النهاية التضحية بالضعفاء، حماية للأقوياء، وليس به ذرة واحدة صادقة لاحترام البشرية. ولو صح أن خلافات عربية اجتُرحت بعد أوزار المأساة، لاستحقت بدورها لعنة مزرية أشد وأفظع.

ولو صح أن الطائفية المكرسة في لبنان هي المسؤولة عن مأساته، فأرجو أن تكون الأرواح المستشهدة، قد أقنعتهم بصفة حاسمة، بفساد الطائفية كأساس واهٍ لوطن من الأوطان، وأنه لا بديل للمواطنة رابطةً مقدسةً لمواطنين، تذوب فيها الطوائف والأديان، وتتلاقى في أخوة وسلام ومساواة.

ومهما يكن من أمر؛ فلولا أن البناء اللبناني يقوم على أسس واهية لما تعرَّض بحال لكيد الكائدين، أو مؤامرات المختلفين؛ ولذلك، فلا مفرّ من هدم الأساس القديم، وإقامة أساس جديد متين، جدير بشعب حباه الله بالذكاء والنشاط والكفاءة. وإنني لأدعو كل عربي إلى متابعة ما يجري في لبنان إلى شهود مولد الحل السعيد المضمد لجراح الماضي ونواقصه.

ما لبنان إلا صورة برزت في صفحتها عيوب، تشارك فيها بلاد عربية أخرى بنسب متفاوتة. فالطائفية والتعصبات المذهبية والتحكم، نقائص لم تكن يوماً وقفاً على لبنان وحده. وقد اندلعت المأساة في لبنان نذيراً لكل غافل أو سادر أو جاهل. ونحن نرجو أن تتمخض حكمة اللبنانيين، عن حل موفق حكيم يداوون به جراحهم، ويصلح في الوقت نفسه دواءً متداولاً لمن يريد أن ينتفع به من العقلاء في وطننا العربي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من مقالات نجيب محفوظ من مقالات نجيب محفوظ



GMT 00:22 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

شرط إسرائيل شريط مهجور على حدودها مع لبنان!

GMT 00:22 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

«فينيسيوس» المحروم من الجائزة... وشجون الجوائز!

GMT 00:21 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مذبحة «السريحة»... صدمة السودان

GMT 00:21 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

افتتاح المتحف المصري الكبير

GMT 00:20 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ليبيا وأنظمتها السياسية... الرسوف في الفوضوية

GMT 00:19 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب إسقاط المفاهيم

GMT 00:19 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الحروب الدينية مستوردة؟

GMT 00:17 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

«حرب الآخرين» في لبنان!

GMT 00:10 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك
 صوت الإمارات - البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك

GMT 00:01 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة
 صوت الإمارات - نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة

GMT 21:45 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 09:30 2014 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

تسريحة الكعكة الناعمة تُعطيك إطلالة جميلة داخل منزلك

GMT 05:42 2015 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

المنامة يواصل صفقاته ويتعاقد مع سلمان عيسى

GMT 12:56 2014 الأربعاء ,15 كانون الثاني / يناير

متفرقات الأحد

GMT 07:24 2017 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الوحدة يشارك بـ 3 زوارق في بطولة العالم للفورمولا 1

GMT 19:50 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

النجم هاني شاكر يدعو لإيمان البحر درويش بالشفاء العاجل

GMT 05:27 2015 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

عطوي يفاضل بين 3 أندية للانضمام اليها في الموسم المقبل

GMT 10:17 2012 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

وزارة الإسكان تبدأ تنفيذ "المليون وحدة" ٢٠ نوفمبر

GMT 17:49 2013 الجمعة ,22 آذار/ مارس

"سمراويت" رواية أريتريا المجهولة

GMT 14:11 2014 الإثنين ,01 أيلول / سبتمبر

أناقة التنورة مرهونة بطولها المناسب

GMT 18:39 2021 الثلاثاء ,13 إبريل / نيسان

سكودا تكشف سعر أيقونتها الكهربائية "Enyaq iV"

GMT 05:51 2020 الإثنين ,06 إبريل / نيسان

أفكار رائعة لتصميم غرف السفرة

GMT 20:11 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

جو كايسر يؤكّد استعداد الشركة لمساندة لبنان

GMT 01:07 2018 الخميس ,27 أيلول / سبتمبر

"أوتوماك فورميلا 2018" طرح فورد كوجا ST
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates