أسرار الهوائل

أسرار الهوائل

أسرار الهوائل

 صوت الإمارات -

أسرار الهوائل

سمير عطا الله
بقلم: سمير عطا الله

تطلّعت إلى الجمل دوماً كمخلوق عجيب. عندما كنّا صغاراً، كان يبدو لنا مثل جبل صغير يتهادى عالي الرأس، طويل العنق، يسوقه رجل كبير أو فتى صغير. وصرنا نقرأ فيما بعد أنه سفينة الصحراء وأشياء من هذا القبيل. وعندما وصل الازدهار إلى الجزيرة العربية، أصبحنا نشاهد الإبل تتسابق مثل الخيول وتبلغ أثمانها أرقاماً هائلة. لكن أهل الجزيرة وأهل السهول في سوريا والعراق وحتى في لبنان، أفاقوا على الجمال من حولهم أو بينهم. ولم تكن تدهشهم في مسيرها ومناخها كما تدهشنا إذا ما قامت أو ناخت.
لا شبيه لهذا المخلوق في أي من ميزاته التي لا حصر لها. لا الفيل الذي يجاوره في الضخامة، ولا الحصان الذي يفوقه جمالاً وسرعة، ويقلّ عنه صموداً وحمولة وصبراً وجهداً، وربما ولاءً أيضاً. غير أن العجيب في هذين الكائنين الهائلين، الجمل والفيل، هو التشابه في طيبة القلب ومدى الاحتمال. قام الرحّالة السويسري جان لويس بوركهارت أوائل القرن التاسع عشر، برحلات كثيرة في الجزيرة العربية والنوبة والسودان وبعض أفريقيا. وترك للمكتبة الجغرافية والتاريخية بعض أهم الآثار العلمية والإنسانية عن تلك المرحلة. دائماً أعود إلى بوركهارت مثلما إلى غيره من كبار الرحّالة، من أجل متعة القراءة ودهشة المعرفة. وقد أدهشني أن أقرأ ما يلي: «كنّا نعبر الماء من الجزيرة إلى البرّ، فتردى بعيري في الوحل، ولم أستطع إنقاذه إلا بشقّ النفس. وفي استطاعة هذه الإبل أن تسير بخطى ثابتة وسط رمال تعلو إلى ركبها، لكن قليلاً من الوحل يعثّرها».
كل هذا الهيكل الهائل القوة والعظيم المياسم يتعثّر في قليل من الوحل. تذكّرت حكاية رواها لي رجل أعمال لبناني كان يعمل في فرانكفورت. ذات مرة شاهد مجموعة من الحمّالين تدفع إلى طائرة شحن ضخمة بعدد كبير من الصيصان (الكتاكيت). وبكل فضول، حاول أن يعرف ما يجري، فقيل له إن الطائرة تقوم بشحن الأفيال إلى الولايات المتحدة. وبما أنه يستحيل وضعها في أقفاص أو صناديق، كما يستحيل ربطها بالحبال، فإن هناك وسيلة واحدة لتجميدها في مكانها طوال الرحلة وهي وضع الصيصان أمامها لأنها لا يمكن أن تدوسها. حارب الإسكندر الكبير بقوافل كثيرة من الأفيال. وشاركت هذه في كل حروب آسيا وشهدت الساحات مليئة بالجثث وسمعت صرير السيوف وأصوات البنادق. لكن قلبها لا يسمح لها بأن تؤذي صوصاً واحداً. لا يتمتّع أطفال العرب بهذه الحصانة أمام جيوشنا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أسرار الهوائل أسرار الهوائل



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 09:42 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

"بيوتي سنتر" مسلسل يجمع شباب مصر والسعودية

GMT 22:57 2019 الأربعاء ,06 آذار/ مارس

بن راشد يعتمد 5.8 مليار درهم لمشاريع الكهرباء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates