إلى ماو تسي تونغ

إلى ماو تسي تونغ

إلى ماو تسي تونغ

 صوت الإمارات -

إلى ماو تسي تونغ

سمير عطا الله
بقلم: سمير عطا الله

حضرة التشرمان ماو... ربما تقضي العادات بمخاطبتك «عزيزي»، لكني لا أجد مبرراً لذلك. لا يمكنني أن أتخيل نفسي أهين نحو 70 مليون بشري من أهلك ورفاقك أزهقت أرواحهم. أكتب إليك متمنياً لو كنت هنا، تشاهد كيف تحرص الصين اليوم على أرواح الناس، وكيف يتفقد رئيسها مستشفياتها بنفسه، وكيف تستفظع موت مائة إنسان وتغلق البلاد خوفاً من مائة إصابة أخرى. أنت كنت تقول: «يجب أن يدمّر البلد من أجل أن تعيد إصلاحه من جديد». الذين جاءوا بعدك فوراً، بنوا ثاني أهم دولة في العالم من دون «ثورة ثقافية» تافهة مليئة بالرعب والدماء.
ليتك كنت هنا اليوم، تشعر بالطمأنينة مثل خَلفَك، ولا تنام كل ليلة في مكان، ولا تملأ البلد عسساً وجواسيس ووشايات ومعسكرات اعتقال. حتى في المزاح والمبالغة لا يمكن لخلفك أن يقول اليوم: «ليس مهماً أن يموت نصف الشعب الصيني في هجوم نووي»، الصين تحصي اليوم ضحايا الوباء بالعشرات.
هل تعرف من يستخدم لغتك اليوم عن موت عشرات الآلاف؟ البورجوازيون في الغرب. إنهم يخاطبون شعوبهم عن أعداد الموتى القادمة وكأنهم يتلون عليهم نشرة الطقس.
لغة الواقعية العملية التافهة. هل تعرف ماذا تعني أن تكون عملياً؟ أن تكون وقحاً وقليل الإنسانية ومجرداً حتى من آداب الكلام وتقدير مشاعر البشر.
هل تعرف من هو البلد الوحيد الذي لم يتحدث عن حجم الحزن الآتي؟ الصين. إنها لا تزال تحت حكم الحزب الشيوعي. ولا تزال دولة مخابراتية إلى بعيد. لكن التغيير الكبير الذي حدث هو غيابك. لست حاضراً اليوم إلا كنصب حجري، لكي لا يقال إن الصينيين فعلوا بالعتاة ما فعله الروس. ألغوا ستالين من كتب التاريخ، وأبقوا جثمان لينين محنطاً من أجل السيّاح، وأرسلوا إلى المتحف خطبته الشهيرة عام 1918: «يجب أن يُقتل واحد من كل عشرة مدانين بالطفيلية... يجب أن نستغل طاقة الرعب في أن نقتل وننفي وأن نشن حملات الرعب ضد الكولاك (الفلاحين الأغنياء) والرهبان والحرس الأبيض».
إن بلادك، منذ اللحظة التي انتهى فيها حكمك، تسير على خطى الذروة بين بلدان العالم، من دون توقف. والغرب يخاف للمرة الأولى، وليس عندما كنت تكتب ذلك الشعر المدرسي الممل. يخاف الإنتاج والتقدم والصناعة والمنافسة. ويرتعد من فكرة أن أكبر ثلاث شركات تجزئة في العالم صينية. هل تعتقد أن هناك من لا يزال يقرأ كتابك الأحمر؟ ماذا سوف تجد فيه لو أعدت قراءته اليوم؟ وهل تدري لماذا لا تزال الناس تقرأ صديقك ماركس؟ لأنه لم يتخلَّ عن الإنسان في نفسه. لم يطلق عليه الرصاص في مهرجانات الإعدام الجماعية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إلى ماو تسي تونغ إلى ماو تسي تونغ



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 10:18 2016 الخميس ,13 تشرين الأول / أكتوبر

كارينا كابور في إطلالة رشيقة مع أختها أثناء حملها

GMT 15:51 2019 الإثنين ,13 أيار / مايو

حاكم الشارقة يستقبل المهنئين بالشهر الفضيل

GMT 15:56 2018 الجمعة ,27 إبريل / نيسان

"الديكورات الكلاسيكية" تميز منزل تايلور سويفت

GMT 12:03 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

قيس الشيخ نجيب ينجو وعائلته من الحرائق في سورية

GMT 11:35 2019 الخميس ,09 أيار / مايو

أمل كلوني تدعم زوجها بفستان بـ8.300 دولار

GMT 08:09 2019 الأربعاء ,09 كانون الثاني / يناير

محمد صلاح يُثني على النجم أبو تريكة ويعتبره نجم كل العصور

GMT 19:44 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

"شانيل" تبتكرُ قلادة لؤلؤية بطول 60 قدمًا

GMT 16:32 2018 الجمعة ,28 أيلول / سبتمبر

كنيسة قديمة تتحول إلى منزل فاخر في جورجيا

GMT 16:59 2018 الثلاثاء ,10 تموز / يوليو

جاكوبس تروي تفاصيل "The Restory" لإصلاح الأحذية

GMT 17:32 2013 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

مقتل صاحب إذاعة موسيقية خاصة بالرصاص في طرابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates