الآخر هو الجميع

الآخر هو الجميع

الآخر هو الجميع

 صوت الإمارات -

الآخر هو الجميع

سمير عطا الله
بقلم: سمير عطا الله

كنت أقرأ في كتاب «الآخر في الثقافة العربي» للأستاذ حسين العودات (دار الساقي 2010)، لأن العودة إلى هذا الموضوع في مثل الخطر العالمي، الشامل جميع الأمم والهويات، امتحان لأنفسنا بالدرجة الأولى. لسنا وحدنا معادين «للآخر» منذ الخليقة. كل أمّة نظرت إلى الآخر على أنه الأجنبي، أو الغريب، أو الملوّن. كل أمة ادعت تفوقاً عسكرياً أو عرقياً أو مالياً. ربما بالغنا في التمييز أكثر من سوانا. ربما بالغنا أكثر من أهل روما في اعتبار جميع القادمين من الخارج «برابرة». وربما تفردنا في حمل التمييز إلى السماء من دون الاكتفاء بصراعات وأحقاد وانتقامات الأرض.
أو هذا ما فعله البعض، أسوة بتيارات مشابهة ظهرت في كثير من ثقافات العالم الأخرى، لكن «كورونا» وضع كل فرد منا، وليس كل دولة أو أمّة، أمام الامتحان الأخير في علاقة البشر بعضهم ببعض. ما من مستشفى في أي بلد يمكن أن يسأل مريضاً عن هويته. أول من توفي في كتائب «الجيش الأبيض» الذي قاتل الوباء كانا طبيبين من السودان في لندن.
في اليوم الأول من دخول بريطانيا في «بريكست» الانفصال، أرسلت إلى إدارة التحرير مقالاً قاسياً عن بوريس جونسون. وبعد ساعات خطر لي أنه شخصي جداً ولا يليق، فتمنيت إلغاءه. ونسيت الأمر. فقد غرقنا وغرق العالم بعدها في حمى من القلق والعزل وأخبار الوفيات. ورأيت نفسي تهزني نسبة الوفيات في إيطاليا وإسبانيا، ثم يفرحني تراجعها كأنها في لبنان. لأنها المرة الأولى في التاريخ التي يتلقى فيها العالم أجمع درساً على لوح (سبورة) واحد، وحالة العزل تطاول مدن الكرة وقراها واحدة تلو الأخرى.
لكن شعوري بأنني مجرد مواطن في قرية تحوّل إلى يقين مفزع مساء الاثنين، عندما أُدخل بوريس جونسون العناية الفائقة. كل ما في المسألة أنني ضد خياره السياسي مثل ملايين آخرين، لكن أن يصبح مصاباً بالحمى الجائحة، فهذه أمنيات الأبالسة وحدهم. وإنني لست أخاف على جونسون وحده، بل على ملايين الذين تضربهم «كورونا». وأحد السياسيين الفرنسيين لم يتحمل عذابها فانتحر. لقد جردت «كورونا» البشر من لياقاتهم الإنسانية. وصار الزعماء - منهم جونسون - يهيئون شعوبهم لتقبل فكرة الآلاف من الضحايا. ويوم الاثنين أيضاً قالت وزيرة الصحة الأميركية إن على الشعب أن يتوقع هذا الأسبوع ضربة أشبه بالغارة اليابانية المفاجئة في بيرل هاربور.
العالم كله في التأهب من الدرجة الحمراء، ولا شيء إلى الآن سوى فوضى الاقتراحات والاختراعات والتحذيرات منها جميعاً. مثله مثل «كورونا» لا أحد يعرف أين يختبئ اللقاح أو العلاج أو تباشيرهما. لذلك الحل الوحيد لا يزال في الهرب إلى الداخل. ليس لدى الدول طريق أخرى. لا مستشفياتها تحتمل، ولا مصانعها تقدر على الإنتاج. ولا جيوشها البيضاء تستطيع تحمل الإنهاك إلى مدى غير معروف. عالم واحد وخوف واحد وعجز واحد، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الآخر هو الجميع الآخر هو الجميع



GMT 04:06 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

وحدة الساحات

GMT 01:28 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

قبعة ومسدس

GMT 01:26 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

... عن أولئك المستوطنين الدينيّين!

GMT 00:56 2024 الأربعاء ,11 أيلول / سبتمبر

حرامي كُتب... محترم!

GMT 00:55 2024 الأربعاء ,11 أيلول / سبتمبر

محور نتنياهو ــ السنوار ــ بايدن

GMT 10:24 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

طرق متميزة ومُساعدة في تنظيف غرفة النوم وتنظيمها
 صوت الإمارات - طرق متميزة ومُساعدة في تنظيف غرفة النوم وتنظيمها

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يحمل إليك هذا اليوم كمّاً من النقاشات الجيدة

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 02:29 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

أطفال غزة يبدأون أخذ تلاقيح شلل الأطفال

GMT 06:33 2024 السبت ,06 تموز / يوليو

سوناك يقر بالهزيمة في انتخابات بريطانيا

GMT 10:44 2020 الأحد ,13 أيلول / سبتمبر

جيني إسبر تُعلق على عدم تواصلها مع نسرين طافش

GMT 16:04 2020 الأربعاء ,01 إبريل / نيسان

غريفيث يُحذِّر من عواقب تفشي "كورونا" في اليمن

GMT 15:38 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على مميزات سيارات "مازدا 3"

GMT 16:21 2013 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

اجتماع حول مشكلة الوحدات السكنية في مدينة الابيار الليبية

GMT 14:14 2013 الأربعاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

"مستورة" رواية فلاحة مصرية عن دار "دوّن"

GMT 01:15 2016 الثلاثاء ,08 آذار/ مارس

أروع النشاطات الممتعة في أبو ظبي

GMT 13:29 2017 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

الحقائب البراقة" عنوان أناقتك في موسم الأعياد"

GMT 14:13 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

الشيخ طحنون بن محمد يعزّي في وفاة حمد الظاهري

GMT 12:49 2013 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بركات "ملك الحركات" قريبًا فى برنامج إذاعيٍّ على تردُّد "9090"

GMT 01:26 2016 الأربعاء ,03 شباط / فبراير

البنك الدولي يعلن عن خطة عمل مناخية لأفريقيا

GMT 14:15 2017 السبت ,19 آب / أغسطس

فالنسيا يتعاقد مع جيسون موريلو

GMT 01:11 2016 السبت ,05 آذار/ مارس

أغرب 10 مطاعم على وجه الأرض

GMT 23:27 2015 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقدمو البرامج الفكاهية الأميركية يوجهون تحية إلى فرنسا

GMT 18:24 2013 الأربعاء ,11 أيلول / سبتمبر

خالد حماد ضيف " استديو" الثلاثاء المقبل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates