بقلم: سمير عطا الله
ثمة أسئلة وبديهيات ونظريات تطرح منذ اكتشاف ورق البردي، تحت عنوان: «لمن تكتب». أو «لمن تقرأ». ويجيب بعض الكتّاب الكبار أو الصغار: «أكتب لنفسي». ولنضع هذا النوع جانباً، هو ونفسه. وبعض النقاد يرى عيباً في الكاتب الكثير الإنتاج أو الواسع الانتشار. وهذا ذوق، ويعاد طرح هذه التساؤلات كل عام في أوساط الأدب العالمية مع إعلان جائزة نوبل التي ذهبت هذه المرة إلى الشاعرة الأميركية لويز غلوك.
وكما حدث في مرات كثيرة من قبل، لم أكن أعرف عن الفائزة شيئاً، فانصرفت إلى قراءة ما تيسر لي من أعمالها ومما كتبه النقاد. كنت، على سبيل المثال، أجهل تماماً أعمال الكاتبة البيلوروسية. ولما قرأتها شعرت أنها حقاً من أهل نوبل. لكن الأمر لم يتكرر. وبقيت نوبل تعطى لشعراء وكتّاب لا تنفع الشهرة في رفعهم إلى المستوى غير العادي. فالشرط الأول في المنح هو التفوق، وشهادة ذلك عادة هو الناس والإقبال، إن لم يكن قبل فبعد، لكن الجائزة لم تعد تطلع على العالم بأسماء ألبير كامو وجان بول سارتر وغابرييل غارسيا ماركيز وهمنغواي وأمثالهم.
طبعاً ليس من السهل العثور على مستحق من هذه الفئة كل عام، حتى لو كان المدى هو آداب العالم وشجرة الخيارات وافرة. وفي هذه الحال لماذا لا يكون الخيار حجبها إلى العام التالي، بل إلى المستحق التالي. سوف يبحث العالم عن أصول الإبداع طويلاً عند لويز غلوك، وسوف تكون نادرة. والذين لا يزالون مصرّين على أن نوبل طبقة عليا بين آلاف الإنتاجات، لن تمدهم السيدة غلوك بأي مساعدة حقيقية.
الحال أن نوبل هو الذي وضع المستويات وحدد الشروط. ولم تكن الجائزة دائماً بريئة من الهوى السياسي، برغم شهرة السويد في الحياد المقدس؛ خصوصاً خلال الحرب الباردة، عندما أعطيت إلى بوريس باسترناك وألكسندر سولجنتسين، لكن الشرط الأدبي الإبداعي كان متوافراً.
هذا العام أيضاً كان مطروحاً اسم الشاعر أدونيس، ثم حُجب. وكذلك الروائي الألباني إسماعيل قدري، الذي تردد اسمه مرات كثيرة في الماضي. وقد توقع بعض النقاد أن ينالها أمين معلوف، الذي نال حتى الآن مجموعة من الجوائز التي تؤدي إلى نوبل، مثل «غونكور» الفرنسية، وانتخب عضواً في الأكاديمية، وهي أعلى تقدير أدبي في البلاد.
موعد سنوي مع الإثارة الأدبية، باهتة أو ممتعة. بعض الأسماء تخرج في سرعة وتعود إلى حيزها المحلي ولغتها المحدودة، وبعضها يبقى تحت الضوء مدى السنين. لا أعتقد أن هذه حال المسز غلوك.