خونة وجواسيس

خونة وجواسيس

خونة وجواسيس

 صوت الإمارات -

خونة وجواسيس

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

خلال أيام قليلة بينهما، غاب اثنان من أشهر الأسماء في عالم الجاسوسية: جان لو كاريه، موظف الاستخبارات البريطانية الذي تحول إلى أشهر كُتاب الروايات المثيرة، وجورج بليك، الجاسوس البريطاني المزدوج الذي كان بين مجموعة شهيرة خانت الوطن البريطاني، بسبب انتمائها إلى الشيوعية وانتفاضها على سياسات الغرب وحروبه.
تلك كانت مرحلة لمعت فيها أسماء كثيرة، لعل أبرزها كان كيم فيلبي الذي فر من بيروت إلى موسكو قُبَيل انكشاف أمره، على متن سفينة سوفياتية حضرت خصيصاً لتهريبه من العاصمة اللبنانية.
لعب هؤلاء أدواراً في صراعات الحرب الباردة. وعملوا ضد بلدانهم. ووشوا بأصدقائهم ورفاقهم. ولعل جورج بليك كان الأكثر قساوة وضرراً بينهم. وقيل إنه في مرة واحدة كشف 400 عميل مزدوج. وكان بليك المولود من أب مصري يهودي وأم هولندية، متعدد الوجوه واللغات، وبينها العربية. وخلال إقامته في مصر تأثر بأحد أعمامه الذي كان من مؤسسي الحزب الشيوعي. ولعبت تلك المرحلة دوراً في حياته فيما بعد.
أما لو كاريه، صاحب الكتاب الأشهر في العالم السري «الرجل الذي جاء من الصقيع»، فكان من صنف محاربي «جيل الخونة».
ويتوقف المرء عند ظاهرة لافتة، حول عدد الكتّاب والأدباء والممثلين البريطانيين الذين عملوا طوعاً في جهاز الاستخبارات. وبين هؤلاء غراهام غرين، وجورج أورويل، وإيان فليمنغ، مخترع شخصية «جيمس بوند». وأفاد معظمهم من الأعمال الخفية في سبيل تطوير عملهم الروائي؛ لكن الحد الفاصل ظل واحداً، وهو الفارق بين الولاء والخيانة. وبينما كانت بريطانيا وصحفها تودع جورج بليك بعبارات التسفيه، كان رجل المخابرات السابق في الكرملين فلاديمير بوتين، يصدر بياناً رسمياً في مديح بطولاته، وكذلك فعلت قيادة الـ«كي جي بي» التي رأت في وفاته عن 96 عاماً، خسارة بسجل الأوفياء والمخلصين.
يغيب الجاسوس الروائي والجاسوس الخائن في وقت تغير فيه عالمهما على نحو شبه كلي. لم يعد المخبر الصغير يجلس في المقهى لكي يدون من دخل ومن خرج، أو يحاول التنصت إلى ما يقال، ثم يرفع تقريراً بذلك إلى المخبر الكبير. يقول إدوارد سنودن، الأميركي الذي لجأ هو أيضاً إلى موسكو، إن الجاسوسية الإلكترونية تلاحق إنسان اليوم وهو في منزله أو في المطعم أو في القطار أو في الطريق. لم يعد أحد بمنأى عنها، ولا عاد كافياً أن يعتمر الجاسوس قبعة ويرتدي معطفاً يختفي خلفهما، كما درجت الصورة الشهيرة طوال القرن الماضي.
ثمة شيء آخر يغيب عن حلبة الصراع، وهو العنصر الآيديولوجي. فالشيوعية برمتها لم تعد هناك. ولا عادت محاربتها مدرجة على جداول الـ«سي آي إيه»، أو الـ«إنتلجنس سرفيس». هذه كلها أصبحت الآن روايات من الماضي. وحتى صورة «جيمس بوند» الجديد تغيرت هي أيضاً، وبيعت سيارته العجائبية في المزاد العلني. فكل ما فيها من تفوق أصبح الآن متوفراً ضمن لوائح الشراء العادية للسيارات.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خونة وجواسيس خونة وجواسيس



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 00:23 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 08:23 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 20:55 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الهجرة الكندي يؤكد أن بلاده بحاجة ماسة للمهاجرين

GMT 08:24 2016 الأحد ,28 شباط / فبراير

3 وجهات سياحيّة لملاقاة الدببة

GMT 03:37 2015 الإثنين ,08 حزيران / يونيو

عسر القراءة نتيجة سوء تواصل بين منطقتين في الدماغ

GMT 22:45 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

استمتع بتجربة مُميزة داخل فندق الثلج الكندي

GMT 02:49 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

ليال عبود تعلن عن مقاضاتها لأبو طلال وتلفزيون الجديد

GMT 04:52 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

"هيئة الكتاب" تحدد خطوط السرفيس المتجهة للمعرض

GMT 04:47 2018 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

شادي يفوز بكأس بطولة الاتحاد لقفز الحواجز

GMT 18:39 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل الأماكن حول العالم للاستمتاع بشهر العسل

GMT 17:16 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

وعد البحري تؤكّد استعدادها لطرح 5 أغاني خليجية قريبًا

GMT 05:14 2018 الخميس ,04 تشرين الأول / أكتوبر

إيرباص A321neo تتأهب لتشغيل رحلات بعيدة المدى
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates