الأم مديحة

الأم مديحة

الأم مديحة

 صوت الإمارات -

الأم مديحة

سمير عطا الله
بقلم: سمير عطا الله

ودّعت مصر في منتصف رمضان نجمة أخرى من سماء السعادة التي كثرت نجومها منذ النصف الأول من القرن الماضي. وقد دأبنا على تسمية عوابر السنين «الزمن الجميل». غير أن الفرنسيين انتقوا وصفاً أكثر دقة وحنيناً فسموه «زمن السعادة». أو لعلهم قصدوا زمن الفرح، آية تلك الأيام، في أي حال أنها كانت زمن الشباب لدى الذين يفتقدونه الآن. وقد سمعتُ ابنتي مرة تتحدث عن أغاني الحنين، فسألتها أي مرحلة تعني، فأجابت: «الثمانينات». وهي المرحلة التي توقفّت فيها عن سماع أي أغنية جديدة، عربية أو أجنبية.

تطوي الأيام بلا رحمة، وربما بلا انتباه، أسماء كثيرة وهي تعبر بنا جميعاً. غير أن بعض تلك الأسماء يتحول إلى عناوين لا تُنسى. مديحة يسري كانت عنواناً من عناوين العقد المرصّع الذي زيّن عنق مصر. وإذ نتطلع الآن إلى الزمن السعيد، نرى أن ألق النجوم الحقيقي لم يكن على الشاشة أو على المسرح، وإنما في الحياة الشخصية وملامحها من ذكاء وكرم وتواضع. لم تدخل تحية كاريوكا تاريخ مصر الفني على أنها راقصة بارعة، مع أن أم كلثوم قالت عنها إنها كانت تغني برقصها. وعندما كتب عنها مفكرون بحجم إدوارد سعيد وجلال أمين، أو مؤرخ فني بارع مثل طارق الشناوي، فإنهم كادوا لا يشيرون إلى حياتها الفنية.

فقد كانت تحية بالنسبة إلى الشعب المصري - وإلى حد ما العربي - رمز المرأة التي شاركت في النضال السياسي منذ العدوان الثلاثي على مصر، وشاركت قدر ما استطاعت في الدعوة إلى القضية الفلسطينية. وأضافت إلى كل ذلك في سنواتها الأخيرة، أعمال الخير والبر. هكذا كانت صورة أم كلثوم أو فاتن حمامة أو الحاجة شادية، التي صرفت كل ما جنت في مساعدة الأطفال المعوزين.

مديحة يسري التي دخلت الذاكرة على أنها «سمراء النيل» عاشت لتصبح صورتها صورة الأم. هكذا ودّعتها الفنانات اللواتي مَشَين في عزائها. ومنذ أن فقدت وحيدها مبكراً، قررت حسناء النيل أن تكون أماً للجميع. وعاشت حياتها المديدة في حزن الأم التي تتمنى الخير والسعادة لجميع أبناء الناس.

لم تعرف مديحة يسري ذلك الألق الذي عاشته صديقتها الحميمة فاتن حمامة. أو خفّة الظل التي تميّزت بها شادية. وعرفت الدور الأول في الأفلام ولكن مناصفة مع الأبطال الآخرين وليس متفوقة عليهم. إلا أنها ظلّت، في كل حال، جزءاً مضيئاً من الحياة الفنية الرفيعة في مصر. أكثر من كان يعرف ذلك ويتصرف على أساسه، كانت سمراء النيل وأم النجوم المصريين.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأم مديحة الأم مديحة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 09:42 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

"بيوتي سنتر" مسلسل يجمع شباب مصر والسعودية

GMT 22:57 2019 الأربعاء ,06 آذار/ مارس

بن راشد يعتمد 5.8 مليار درهم لمشاريع الكهرباء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates