غلافه أحمر كثير الغبار

غلافه أحمر كثير الغبار

غلافه أحمر كثير الغبار

 صوت الإمارات -

غلافه أحمر كثير الغبار

بقلم - سمير عطا الله

سوف تربح الصين، على الأرجح، في وقت غير بعيد، حرب المرتبة الاقتصادية الأولى. وربما حصل ذلك في حقول كثيرة. سوف ينقض المارد الصيني بالملايين على الصناعات والزراعة والتجارات والأدوية المقلدة والشركات الهائلة الحجم، لكن الانتصار الحضاري لا يزال بعيداً. سوف يمر زمن قبل أن نعرف من هو شكسبيرهم، إذا كان لديهم واحد، ومن هو نيوتن الصيني. ومن هو دافنشي في شنغهاي. ومن هو ألكسندر بوشكين، أبو الأدب الصيني. ومن هو جورج أورويل، أو من يعادله.
إن حضارة هذا العالم الذي كانت الصين خارجه، قبل ظهورها المذهل، هي مكدسات من الحضارة الإسلامية واليونانية والرومانية والجرمانية والآرية والمصرية، وكثير غيرها. ولا شيء في حضارة الصين الكبرى يعادل مجموع هذه الحضارات. وإذا بحثنا فلن نجد سوى القليل، وهو لا يكفي إطلاقاً لتجميع شيء مثل متحف «اللوفر» أو «الأوفيريزيه» أو الفرعوني.
السباق طويل جداً وصعب، بين المارد الصيني والمقلد، والمارد الغربي المتراجع. وسوف يجد المارد أن اللائحة باختراعاته وآدابه وفنونه، ضئيلة جداً مع ما تجمع لدى البشرية عبر السنين الطويلة. من دون لغة إنجليزية لن تقيم الصين هوليوود أخرى أو مسرحاً آخر أو إلياذة أخرى. ولن تقيم دورة فرنسا السنوية لقهر الجبال على الدراجات. ولن تقدم مائة عام من المطربين الذين خلبوا ألباب العالم.
لا شك أن ما لدى الصين من تراث وأدب وعلوم، ليس قليلاً، لكن الصين بلد المستقبل، وتنافس في المستقبل لا في الماضي. ليس لديها فلاسفة ألمانيا ولا شعراء فرنسا ولا أوكسفورد ولا هارفارد.
إنها دولة حديثة بكل معنى الكلمة. أو في تعبير أدق، إنها دولة غريبة لم تخرج من عزلتها التاريخية إلا قبل أربعين عاماً، لتجد نفسها محاطة بآلاف الفصول من الحضارات الأخرى. يبرز الصينيون في هارفارد وستانفورد والجامعات الكبرى كأفضل الطلاب. لكن ليس هناك هارفارد أخرى في بكين حتى اليوم.
كانت الصين حضارة كبرى قائمة على فلسفة الانغلاق، وشاهدها الأهم «السور العظيم». الخوف على الداخل والخوف من الخارج، فيما كانت الإمبراطوريات الأخرى تجتاح كل ما أمامها. وعندما وصل إليها الرحالة الإيطالي ماركو بولو وجدها عالماً مكتفياً بذاته لا يهمه أن يعرف ماذا يجري خارج حدوده.
حاولت خلال السنوات الماضية أن أقرأ ما أستطيع في الأدب والشعر والفكر الصيني. فعلت كل ذلك بلهفة ومتعة. وانفتح أمامي عالم من السحر والغرابة والحقائق والتقاليد. ولكن كم يجمع كل ذلك قبالة الحضارات الأخرى؟
لسنوات طويلة سوف يكون في مدننا وقرانا وأسواقنا، أشياء كثيرة من الصين. وبأسعار لا ينافسها أحد. لكن في المكتبات سوف يكون كتاب ماو الأحمر، وحيداً على الرفوف. وكثير الغبار.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غلافه أحمر كثير الغبار غلافه أحمر كثير الغبار



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

GMT 21:45 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 20:00 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

مطعم "هاشيكيو" الياباني يغرم كل من لا يُنهي طعامه

GMT 13:11 2019 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

"جيلي الصينية" تكشف مواصفات سيارة كروس "جي إس"

GMT 05:09 2015 الخميس ,05 آذار/ مارس

انطلاق فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب

GMT 05:58 2015 الثلاثاء ,10 شباط / فبراير

سلسلة "جو وجاك" الكارتونية تطل عبر شاشة "براعم"

GMT 22:28 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

جورجينا رزق تبهر الأنظار في أحدث إطلالاتها النادرة

GMT 21:17 2017 الثلاثاء ,18 إبريل / نيسان

حارس نادي الشعب السابق ينتظر عملية زراعة كُلى

GMT 22:33 2013 الأحد ,28 إبريل / نيسان

"إيوان" في ضيافة إذاعة "ستار إف إم"

GMT 13:10 2013 الجمعة ,08 شباط / فبراير

الحرمان يطال 2.3 مليون طفل في بريطانيا

GMT 07:27 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

"إم بي سي" تبدأ عرض"مأمون وشركاه" لعادل إمام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates