عسل منفلوط
آخر تحديث 15:51:24 بتوقيت أبوظبي
السبت 16 آب / أغسطس 2025
 صوت الإمارات -
أخر الأخبار

عسل منفلوط

عسل منفلوط

 صوت الإمارات -

عسل منفلوط

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

كان عباس محمود العقاد ومصطفى لطفي المنفلوطي، مدرستين مختلفتين. أو بالأحرى كان كل منهما صاحبَ مدرسة مناقضة للأخرى. فالمنفلوطي كان ميَّالاً إلى الحزن والكآبة والتأوّهات، ويُلحظ ذلك من عناوين الكتب التي وضعها، أو ترجمها. مثل «العبرات»، أو «ماجدولين - تحت ظلال الزيزفون»، الذي ظلَّ قرّاؤه ينوحون على نواحها حتى انقضاء النصف الأول من القرن العشرين. أما العقّاد، ذلك البحر من الثقافة والقراءات والتعمّق في التيارات الفكرية، فقد كان متأثراً بالفكر الألماني ونزعة الإنسان المتفوق، وتحديداً من قرّاء نيتشه صاحب المطالعة الشهيرة «هكذا تكلم زرادشت».
وفي مرحلة مبكرة من حياته، دخل العقّاد سلك التعليم بحثاً عن دخل إضافي. واكتشف، مرتعداً أن القاعدة الأولى في المنهج الدراسي تفرض على طلاب الإنشاء وصية واحدة؛ اقرأ كتب المنفلوطي، واكتب على مِنواله. يقول: «وكانت موضوعات الإنشاء كلها تنتهي بالبكاء على بطل من الأبطال المألوفين في النظرات والعبرات. وهم كلهم أناس يبكون ويُبكى عليهم، لأنهم مخذولون منكسرون أو مُضيّعون في ذمم الآلام وقرناء السوء، وقِلة منهم مسؤول عن خيبته، أو قادر على إنصاف نفسه والاقتصاص ممن يجني عليه».
حاول العقّاد أن يدعو تلامذته إلى تغيير هذا النمط البُكائي، فكانوا يحاولون، لكنهم يعودون سريعاً إلى المنفلوطيات وذرف الدموع. وآهٍ، ثم آهٍ، ثم آهٍ. وخطر للعقّاد أن يستعين على غريمه الأدبي بأسلوب اختباري، أو مَخبري. فذهب إلى طبّاخ المدرسة، وسأله إن كان هناك نوع من البصل أكثر حدة من بصل الصعيد. فاستنكر الطباخ مجرد السؤال قائلاً إنه لا يوجد في الأرض قوة قادرة على تحريك الدموع في الأحداق مثل البصل الصعيدي الأصيل. عندها، طلب العقاد من صاحبنا أن يوزع البصل النيء على التلامذة من أجل إقناعهم بأن في البصل قوة لتحريك الدموع في الأحداق أكثر من القدرة المنفلوطية.
كان الرجلان يلتقيان من حين إلى آخر في إحدى مكتبات القاهرة. ووفقاً للعقّاد فقد كانت الأحاديث بينهما تقتصر على العموميات وأحوال الطقس وأحوال الناس وأخبار مصر، من دون التلميح إلى أي نقاش ثقافي أو أدبي. ويبدو أن قصة البصل المبكي وصلت إلى المنفلوطي، لكنه آثر ألّا يفاتح العقاد بالأمر. بل كَتَم في نفسه شعوره بالإهانة؛ خصوصاً أن شهادة العقّاد بالأدب والأدباء كانت من النوع الذي يحيي أو يميت.
وذات مرة التقى عملاقا الأدب المصري في المكتبة كالمعتاد. وقد حاول العقّاد التهرب، لكن المنفلوط ألقى عليه التحية من بعيد. ودخل الاثنان كالعادة في حوار حول كل الأشياء إلا القضية التي تُشغلهما وتُشغل مصر الأدبية معهما. وقبل أن ينتهي اللقاء في «المكتبة التجارية» وجّه المنفلوطي دعوة صادقة لصاحبه إلى الغداء باللهجة البلدية المعروفة عنه. فاعتذر العقّاد قائلاً إنه لا يريد أن يكلف الداعي الوقت والمال. ويُكمل العقّاد الرواية قائلاً:
«فعاد يقول بتلك اللهجة البلدية أيضاً؛ الحكاية لا تستحق... مش قد المقام... إنها أرخص من البصل». فأجابه العقاد: «ولعله أحلى من العسل، كما يُنادى عليه عندكم في منفلوط».
* تصحيح... ورد خطأ في مقال أمس أن القوات السورية انسحبت من أول عاصمة (بيروت) عربية احتلتها، والصحيح طبعاً القوات الإسرائيلية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عسل منفلوط عسل منفلوط



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

نانسي عجرم تتألق بفستان فضي من توقيع إيلي صعب في إطلالة خاطفة للأنظار

دبي ـ صوت الإمارات
أبهرت الفنانة اللبنانية نانسي عجرم جمهورها مجدداً بإطلالة فاخرة تفيض أناقة ولمعاناً، حيث اختارت فستاناً فضياً من تصميم المصمم العالمي إيلي صعب، لتخطف الأضواء بإطلالة تمزج بين الفخامة والرقي والبساطة في آن واحد. الفستان تميّز بقصته الأنثوية الناعمة، إذ حدد منطقة الخصر قبل أن ينسدل باتساع انسيابي نحو الأسفل، كما زُيّن بياقة هالتر وأكتاف مكشوفة، مما أضفى لمسة من الأنوثة الراقية على إطلالتها. القماش الفضي المطرز بأشكال هندسية منتظمة والمزين بالترتر أضفى على الفستان لمعة متجانسة مع إضاءة المسرح، في حين جاءت الطبقة العلوية بتصميم دقيق شمل غرزاً مفرغة تزيد من فخامة المظهر. واكتملت أناقة نانسي باختيار مجوهرات مرصعة تناغمت ألوانها مع بريق الفستان، بينما انسدل شعرها بخصلات ويفي طبيعية في تسريحة نصف مرفوعة، عكست أسلوبها الجمالي...المزيد

GMT 21:26 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 10:15 2017 الأحد ,19 آذار/ مارس

رامز أمير يواصل تصوير مسلسل "كفر دلهاب"

GMT 14:33 2013 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عشاق العاصمة السويدية قلقون من أزمة السكن فيها

GMT 09:47 2012 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

أقنعة الهالوين تنبئ بعودة أوباما إلى البيت الأبيض

GMT 20:20 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

هاميلتون ينهي موسم فورمولا-1 بفوز سهل في أبو ظبي

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 12:30 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

الحقائب الصغيرة على شكل صندوق تُناسب المرأة العملية

GMT 21:53 2018 الجمعة ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

عنزة تنجب مخلوقًا مرعبًا نصفه خنزير والآخر إنسان

GMT 20:15 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

جزر "ويدي" في إندونيسيا للاستمتاع بالمياه الفيروزية

GMT 18:07 2014 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

إنطلاق معرض "فيجن إكس" في دبي بمشاركة عارضين من 26 دولة

GMT 19:08 2013 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

"فوكسكون" تكسر قواعد العمل من أجل "بلاي سيتشن 4"

GMT 02:34 2015 الخميس ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات درجات الحرارة في الإمارات الخميس

GMT 21:38 2013 الأحد ,04 آب / أغسطس

الإذاعة المصرية تحتفل بعيد الفطر

GMT 18:26 2015 الإثنين ,19 كانون الثاني / يناير

"أورنج موبايل" تحصل على ترخيص ترددات للجيل الرابع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
Pearl Bldg.4th floor
4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh
Beirut- Lebanon.
emirates , Emirates , Emirates