ثلاث مصريات من لبنان حرب ورقص ومجاعة

ثلاث مصريات من لبنان: حرب ورقص ومجاعة

ثلاث مصريات من لبنان: حرب ورقص ومجاعة

 صوت الإمارات -

ثلاث مصريات من لبنان حرب ورقص ومجاعة

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

ولدت بديعة مصابني أواخر القرن التاسع عشر في دمشق لعائلة ميسورة تملك مصنعاً للصابون. لكن بعد وفاة الأب احترق المصنع وتوالت المصائب. أحد الأشقاء السبعة يموت بالحمى، ثم يقوم لص بسرقة جواهر الأم. وفي السابعة من عمرها، أقدم صديق أحد أشقائها بالاعتداء عليها. اعتُقل المعتدي وأُنزل به حكم قصير بالسجن. لكن الفضيحة لاحقت العائلة في أوساط الحارة الأرثوذكسية التي تعيش فيها. في هذا الجو الخانق، قررت الأم أن تبتعد بالعائلة إلى آخر الأرض: الأرجنتين. ما إن أمضوا بضعة أشهر حتى قيل لهم إن جدة بديعة توفيت تاركة إرثاً جيداً، فقفلت العائلة عائدة إلى دمشق، لتجد أن الإرث المزعوم فقر آخر.
تروي بديعة في مذكراتها (دار الجديد) أنها أمضت تلك الفترة ما بين بيروت ودمشق تبحث عن عمل. وكانت الصبية تتعرض لمضايقات وضغوط من تجار الرق. وفي عام 1910 أعلنت الأم والابنة اليأس من سوريا ولبنان، وهاجرتا إلى مصر بحثاً عن قريب لا يعرفان عنواناً له. وبدل القريب عثرت بديعة، التي هي الآن في العشرين، على شوارع الأزبكية الضاجة بالألق والحياة.
كالعادة، بدأت البحث عن اللبنانيين لمساعدتها. وعندما ذهبت لحضور إحدى مسرحيات جورج أبيض، أحد رواد المسرح آنذاك، تسللت إلى غرفة الممثلين وأقنعتهم بإعطائها دوراً ثانوياً. وقررت الفرقة مساعدتها مالياً، ودفع إيجار مدرس يعلّمها القراءة. لكنها بعد قليل تركت جورج أبيض وانضمت إلى فرقة أقل شهرة، تقدم العروض في أنحاء مصر. خلال هذه الفترة تعرفت إلى صديق ثري، تولى مصاريفها في القاهرة. لكن بديعة تعلمت أن تخاف المفاجآت السيئة. وبدل الاستمرار في الاعتماد على الصديق الثري، سافرت عام 1914 إلى بيروت، لتقدم في ملاهيها القليلة ما تعلمته في مسارح مصر، وتأدية أغاني منيرة المهدية التي ذاع صيتها في الشرق. غير أن بديعة لم تتعلم من «سلطانة الطرب» فحسب، بل خصوصاً أن الدهر مخادع وغدار. فعندما توفيت «سلطانة الطرب» عام 1965 مشى في جنازتها سبعة أشخاص، بينهم بواب العمارة والبقال وشرطي الحارة.
لم يكن الجو سعيداً في بيروت. فالحرب العالمية 1914 وصلت أوزارُها إلى المنطقة، والمجاعة ضربت لبنان وسوريا، فقتلت نحو نصف مليون شخص، وخسرت بيروت نصف سكانها للموت أو للهجرة. وفي هذا الجو الكئيب أصبحت أماً، عندما هرعت إليها جارتها تقول إنه تم العثور على مولودة مرمية على باب أحد الأديرة. فأخذتها وتبنَّتها. وعلمتها الرقص والغناء، وعرفت باسمها الفني «الشقراء ليلى». خلال عقد كامل أقامت بديعة الحفلات في مدن المشرق تتقدمها شهرتها. تشاء الصدف عام 1922 أن يمر نجيب الريحاني وفرقته في بيروت، وعرض عليها الانضمام إلى الفرقة والعودة إلى مصر.
إلى اللقاء...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثلاث مصريات من لبنان حرب ورقص ومجاعة ثلاث مصريات من لبنان حرب ورقص ومجاعة



GMT 17:50 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

عودة الجغرافيا السياسية: حرب أوروبا

GMT 20:10 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

السم بالتذوق

GMT 20:03 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

مراهنات خطيرة في السودان

GMT 19:59 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الحرب الأهليّة في تأويل «حزب الله» لها

GMT 19:55 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

السعودية... الحقبة الخضراء

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 18:04 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الحب على موعد مميز معك

GMT 00:42 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كردستان تحتضن معسكر المنتخب العراقي لكرة السلة

GMT 01:57 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

عقبة تُواجه محمد صلاح وساديو ماني أمام برشلونة

GMT 05:18 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ريماس منصور تنشر فيديو قبل خضوعها لعملية جراحية في وجهها

GMT 17:03 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

استقبلي فصل الخريف مع نفحات "العطور الشرقية"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates