جدوى الشرور

جدوى الشرور!

جدوى الشرور!

 صوت الإمارات -

جدوى الشرور

السعد المنهالي
بقلم - السعد المنهالي

منذ فترة وتفاصيل رواية «انقطاعات الموت» لا تبارح خيالي. والحقيقة أن فكرة معايشة «وباء» يكون قريباً منا بهذه الدرجة مثيرة وغريبة جداً، تستدعي أموراً مختلفة في ذهن كل فرد منا. عن نفسي فاضت ذاكرتي بكل ما قرأته مسبقاً من أعمال أدبية كان للوباء نصيب فيها. وهو ثيمة اشتغل عليها «خوسيه ساراماجو» ببراعة فائقة في أكثر من عمل. في رواية «انقطاعات الموت» لهذا المبدع ينقطع الموت عن مدينة بأكملها، في البداية وللوهلة الأولى يبدو الأمر جيداً.. بل ورائعاً، غير أن الحقيقة غير ذلك تماماً. يطرح ساراماجو أمامنا فكرة فلسفية عظيمة حول الجدوى الحقيقية من أمور اعتاد الإنسان على التعامل معها مُجبراً، فكرة في غاية الغرابة؛ ويذهب في ذلك، إلى أقصى ما يمكن للإنسان أن يقبله كالموت، إذ يتحول ذلك الشيء المرفوض إلى رغبة جامحة لدى الناس بل وأمنية يمكن أن يُدفع لها النفيس.
تظهر أهمية الموت لتستمر الحياة، وهذا ما يظهر من تفاصيل الرواية المثيرة، فالحياة لا تطاق من دون الموت، ورغم التناقض الذي يصعب استيعابه للوهلة الأولى، إلا أن بعض التفكر في شكل الحياة لو بقي كل البشر على حالهم، بأن يصلوا الى أقصى درجات الحياة بكل آلامهم ومرضهم ولا يعبرون الى الضفة الأخرى على أسرة المشافي بلا حراك، لا هم أحياء ولا هم موتى. كل شيء مُعلق، عند نقطة كارثية لمن تقوم أعمالهم على «الموت»، كالقطاع الصحي ودافني الموتى وصانعي التوابيت.. وغيرهم.
صحيح أن الرواية تقدم الجانب الساخر لهذه الفاجعة -غياب الموت- غير أنها تطرح فرصة لتأمل الحياة بعلاقاتنا المختلفة على مستوياتها، وهذا ما وجدت فيه فرصة لثقافة جديدة مختلفة تماماً عما اعتدنا التفكير فيه بخصوص أمور كثيرة في حياتنا.
فرصة للتفكر بالحياة من دون وجود المرض، أو تجارب من دون شعور الخوف؛ أو مثلاً علاقات من دون ألم الفقد، ومن دون ألم. هل هناك معنى من دون الشرور على الأرض! لا أطالب بهذه الفواجع إطلاقاً، ولكنها فرصة للتعامل معها من منظور مختلف، منظور يقبلها ويتعاطى معها كحقيقة مؤلمة ولكنها مهمة لنكمل معنى السعادة، واقع مُفجع لتنضج مسيرة الحياة، أساساً مؤرقاً لنرسو على شاطئ السكينة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جدوى الشرور جدوى الشرور



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates