نحن وجميلاته النائمات

نحن.. وجميلاته النائمات

نحن.. وجميلاته النائمات

 صوت الإمارات -

نحن وجميلاته النائمات

السعد المنهالي
بقلم - السعد المنهالي

صعب أن يقرأ الإنسان نفسه بعمق، ويفلح في تلمّس مشاكله ومكامن الخلل فيها، ولكن الصعوبة تقل عندما يكون هذا الفعل موجهاً لقراءة الآخرين وتحليل نفوسهم وتقييم سلوكهم! ولأن الحياة قصيرة، تأتي أهمية الأعمال الأدبية التي تقدم لنا فرصاً كهذه في قراءة الآخرين وتقييم سلوكهم والخروج بأفكار ومبادئ عامة حول الحياة التي نعيشها، لنرسم لغة خاصة بأبجديات مختلفة لقراءة أنفسنا، لعلنا نفلح في إضاءة الطريق الذي نريد أن نُكمل فيه مشوارنا.
 في الروايات على وجه الخصوص، أجد مرايا في كل صفحة قد أعبرها لغرض المتعة والتسلية، بمجرد أن أفتح جوارحي لاستقبال ما فيها على أنه أكثر من إبداع كاتب، فأجردها من صورتها الشكلية وأسبغها على واقعي وما حولي. ومهما ظهر ما فيها بعيداً عني جغرافياً وثقافياً، إلا أن فيها عشرات وربما مئات الدلالات التي نعيشها في زمننا الحالي، وهو ما علينا أن نستثمره عبر قراءة الإشارات التي تتجاوز زمن العمل، وإعادة توجيهها على أنفسنا وأفكارنا وتصوراتنا حول الآخرين. 
في رواية «الجميلات النائمات» للروائي الياباني صاحب نوبل «ياسوناري كاواباتا»، سيعتقد من يعرف تفاصيلها العامة أنها بعيدة كل البعد عنّا، كونها تدور حول رجل عجوز يقضي وقته بجوار فتيات نائمات يافعات، متأملاً جمالهن، متحسراً على ماضيه الذي يستعيد تفاصيله خلال تأمله لهن في ليالٍ متفرقة، والحقيقة أن الفعل نفسه يشبه كل أفعالنا التي نقوم بها عندما يفوتنا الزمن -مهما كان- فنصل إلى مرحلة نصبح فيها نسخة من هذا العجوز في نظرته المبهورة لتفاصيل الحياة التي فاتتنا ولم نكن نلقي بالاً لها.
 صحيح أن ضياع الرغبة الجنسية عند العجوز «إيجوشي» هي دافعه لتلك التأملات، غير أن الرغبات الإنسانية -الرغبة في اللعب، في الكلام، في الحب- بمجملها تبدأ في الخفوت مع تقدم العمر، وعندما يدرك الإنسان ذلك يتحسر عليها أيما تحسر. 
من خلال قراءة العمل وتتبع خيالات العجوز، لا يمكن إلا وأن تنصهر ذاتك معه، وتتجرد من مادية المشهد، لتتأمله بطريقة أعمق من مجرد كونه مشهداً حسياً يجمع رجلاً على سرير بارد بفتاة نائمة غير قادر على لمسها ولا يعرف عنها شيئاً، مشهد يعري دواخلنا الناقصة والتي ندعي -تشدقاً- كمالها. في تأمل فتيات «كواباتا» النائمات فرصة لمن بقي له من العمر شيء أن يقرأ ذاته الحقيقية، ويحاول اللحاق بها.. في فرصة قد لا تتكرر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نحن وجميلاته النائمات نحن وجميلاته النائمات



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates