مع وضد «معاًً»

مع وضد «معاًً»

مع وضد «معاًً»

 صوت الإمارات -

مع وضد «معاًً»

السعد المنهالي
بقلم - السعد المنهالي

كُنت أخضع طلبة الإعلام الذين يتلقون تدريباً إعلامياً في صحيفة الاتحاد - منذ 14 عاماً - لتمرين دوري ‏يقومون فيه بالكتابة عن وجهات نظر الآخر المختلفة معهم كلياً! فكنت أسألهم مسبقاً حول قضية معينة «هل أنتم مع أم ضد؟» من دون ذكر الأسباب، ‏ثم بعد ذلك ‏أقوم ‏بفصلهم إلى فريقين، ‏وأطلب من كل فريق أن يبحث في حجج الآخر ويحاجج عن رأيه المختلف عنه، ‏وسيقوم اليوم التالي بعرضها وكأنها وجهة نظره. ‏‏كان الأمر صعباً عليهم ومربكاً، ولكنه ساعدهم في نهاية المطاف على إدراك أن هناك رأياً آخر علينا الاستماع إليه ويستدعي التأمل فيه، كما أننا أيضاً‏ نستحق فرصة نعطيها لأنفسنا لاختبار المختلف الذي قد يكون أفضل.
إننا نعيش ‏اليوم واقعاً معلوماتياً غير مسبوق، ليس فقط على مستوى الكمية المتوافرة المتدفقة منها كل ثانية، وإنما أيضاً - والأكثر تأثيراً - على مستوى مصداقيتها وواقعيتها! وذلك رغم تناقضها! بالفعل، زاد مقدار مصداقية المعلومات «المتناقضة» بشكل غير مسبوق في هذا الوقت الذي نعيشه، أكثر من أي وقت مضى. ولعل الميزة التي يتمتع بها جيلنا من تعدد نوافذ المعلومات «العالمية» تحولت إلى نقمة أيضاً غير مسبوقة شهدتها البشرية على الإطلاق. إذ يمكننا أن نتعامل مع معلومة بكامل توثيقها الرسمي والعلمي مقابل أخرى لها المقومات نفسها، ولكنها متناقضة تماماً مع سابقتها، وهو ما أثر بشكل مباشر على قدرتنا نحن أيضاً كأفراد في تحديد قناعتنا تجاه خيارين أو أكثر في بعض الأحيان.
إن مجرد عرض معلومة في إحدى جلساتنا، يستجلب معلومة أخرى مضادة ومختلفة جذرياً، قد ‏يعرضها آخر في المكان نفسه، وبشكل آلي مثير جداً. وتكمن الإثارة بالنسبة لي في قدرة المعارض صاحب المعلومة المضادة على تبديل رأيه باتخاذ رأي كان قد عارضه قبلاً كحجة له، ولكن في جلسة أخرى.. وهكذا.
‏تتعدى سلبيات الحالة الثانية الفاعل والمتلقين، لتضرب منظومتنا الاجتماعية في صميمها، والتي من المفترض أنها قائمة على «الثقة الضمنية» التي تستند إليها علاقاتنا وبالتالي تصرفاتنا. إن تمتع جيل كامل بالقدرة على الخلط والتمييع في الحقائق بتعمد مطلق في توجهاته أمر خطير للغاية، ‏يجعل من التعبير عن الرأي مجرد فرصة للظهور، ‏والمنافسة وإبلاغ الآخرين بإمكانات المتحدث اللغوية والمعلوماتية... لا أكثر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مع وضد «معاًً» مع وضد «معاًً»



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates