تطبيب النفوس

تطبيب النفوس

تطبيب النفوس

 صوت الإمارات -

تطبيب النفوس

السعد المنهالي
بقلم - السعد المنهالي

كانت الدنيا لا تسعه وهو يعجن الكعك، فهي المرة الأولى التي يسمح له بأن يستخدم أدوات المطبخ ويبدأ بنفسه بلمس المكونات، كسر البيض وخضه وسكب السكر والطحين، وبغض النظر عن طعمه، إلا أنها كانت لحظة تاريخية سيبقى يذكرها باقي حياته، هكذا فعل الطفل الذي بدأ العودة للتو لصفوف الدراسة بعد غياب طويل مؤلم بسبب "كورونا". سألته ببساطة، من تحب أن يأكل من هذا الـ«الكوكي»؟! قال وقد فتح عينيه كشمسين صغيرتين، مستر «كريس». فهمت منه أنه يحب تدريسه ويحصل على درجات مميزة لديه، وبالفعل ذهب إلى معلمه بالكوكي في صباح اليوم التالي وهو في قمة السعادة. لم أذكر الموضوع إلا بعد يومين تقريباً، فسألت الصغير: هل أعجب البسكوت أستاذك؟ فأجابني دون أن يرفع عينيه تجاهي، «لم يأخذه.. مسوي دايت».

لم أعلق مع الصغير حول الموضوع، فما جدوى تأكيد الذكرى! ولكني تساءلت إذا كان هذا الأستاذ "المفضل" لديه أدنى فكرة عن أثر صده «المؤدب» للصغير الذي كان محلقاً وهو في غاية الفخر بما صنعت يداه؟ وهل يعلم المعلم «كريس» أن هذا الصغير الذي خصه ليتذوق ما صنعه، لن يذكُر بعد سنوات درجاته المميزة في الورق الدراسي -لأنه سيحقق بإذن الله نجاحات مادية كثيرة من هذا القبيل- فيما كلمة صغيرة مشجعة عن «الكوكي» لو قيلت له -ولو مجاملة- كانت ستبقى سنوات طويلة مديدة لن تمحيها أي ذكرى أخرى؟!
في فوضى الحياة التي تدور حولنا، وانغماس العالم في الماديات أصبح كل شيء غير قابل للقياس أو اللمس ليس محل اهتمام، كـتطييب النفوس وجبر الخواطر رغم عظم أثره، ولعل ما شهدناه خلال العام الجاري من ظروف كان لها أثر كبير على الصحة العامة بكل تأكيد، كوننا انشغلنا كثيراً بالعالم المادي، الذي ما انقطعت العلاقة معه بسبب الحجر والخوف من «كوفيدـ19» وجدنا أنفسنا نعاني تداعيات حادة على صحتنا النفسية، فمع غياب المكافآت المادية التي اعتدناها من الآخرين أو حتى انعدام فرصة استمتاعنا بها، اكتشفنا أن نفوسنا تحتاج الي ما هو أبعد بكثير ماديات هذا العالم. تحتاج إلى تجبير وتطبيب مختلف.. شيء أكثر عمقاً، وحقيقة.. وديمومة. كما كنت أتمنى أن  يحدث مع صغيري.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تطبيب النفوس تطبيب النفوس



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates