الجهل «الحكيم»

الجهل «الحكيم»

الجهل «الحكيم»

 صوت الإمارات -

الجهل «الحكيم»

السعد المنهالي
بقلم - السعد المنهالي

لدى البعض جرأة غير طبيعية في الاستخفاف بأمور لم يجربوها قط، بالكاد سمعوا عنها. والاستخفاف، كما نعلم، أولى علامات الانغلاق الذهني التي يبديها الفرد تجاه ما لا يتفق معه، وهو بطبيعة الحال بداية لحالات تسفيه أصحابها ثم رفضهم وإقصائهم مهما كان نوع الاختلاف معهم. ومن هنا يأتي التواصل المستمر عبر الاطلاع, والتعرف على تجارب الآخرين، عن طريق قراءة أحوالهم -عبر الأدب مثل- فرصة لنمو ما يطلق عليه «التقمص الوجداني»، أي وضع النفس في بيئة الآخر وظروفه، والتجرد - قدر الإمكان- من الأحكام المسبقة.
إن الاستماع بهدوء والاستسلام (غير مصطنع) لفكرة تختلف معك كلياً، هو الدليل الحقيقي الذي يمكن أن تؤكد فيه لنفسك بأنك صاحب «عقل منفتح». والحقيقة أني تجرأت وكتبت هذه الفكرة، كوني أبحث عن طريقة خاصة لقياس انفتاحي العقلي باعتبار ذلك سمة أساسية لتحقيق الفعل الثقافي. أكتب هذه الطريقة، وأنا متأكدة أني أجاهد نفسي كثيراً في محاولة تحقيقها، ولكن عليّ الاعتراف بأن الطريق مازال طويلاً لبلوغ ذلك.
لقد وجدت في القدرة على إبقاء فكرتين متعارضتين في العقل في الوقت نفسه، دون وجود اضطراب داخلي أو خارجي، يعد أمراً بالغ الصعوبة، وقدرة لا يملكها أي كان، كما أن الاعتراف بعدم امتلاكها شجاعة، وبداية في الطريق السليم إليها؛ خصوصاً أن ذلك يعد اعترافاً بقصور، وتأكيداً على وجود نقاط ضعف في النفس، ودعوة لإفساح المجال للتحرك والتعلم من دون دفاعات وأسلحة وهمية وحجج واهنة.
علينا أن نتصالح مع فكرة عدم معرفة «كل شيء»، بالأصح علينا أن نتصالح مع جهلنا، وأن نتعامل معه بلطف أكثر، أن نظهره بلا تحفظ، وأن نتوقف عن الرهاب من اعتقادات الآخرين فينا بأننا «لا نعرف». ولكن في المقابل، يجب أن يتزامن ذلك مع سعي أصيل وجاد في التعلم والمعرفة. وفي هذا نجد الكثيرين من العلماء وممن بلغوا أعلى درجات المعرفة في زمنهم، كانوا أكثر تواضعاً وهدوءاً في تقييم ما يعرفونه، وأكثر جرأة في الاعتراف بما لا يعرفونه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجهل «الحكيم» الجهل «الحكيم»



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates