بقلم: حسن المستكاوي
كنت أقرأ تقرير «الفيفا» عن «مونديال 2018»، وتضمن العديد من الأرقام، ومن ذلك أن إسبانيا صاحبة أعلى نسبة استحواذ 69%، لم تتأهل إلى دور الـ 16، وأن منتخب صربيا كان أكثر فريق جرى في كل مباراة، بمتوسط 113 كم، بينما فرنسا التي فازت باللقب، كان ترتيبها الثامن والعشرين في المباراة، بمتوسط 101 كم.. فكيف جرى الفريق الفائز باللقب أقل من صربيا التي لم تكمل الطريق؟
ثم نأتي إلى السؤال الأهم الذي لم أجد له إجابة واضحة في التقرير: ماذا جرى لمدرسة أميركا اللاتينية؟!
فازت أوروبا بكأس العالم أربع على التوالي، إيطاليا 2006، وإسبانيا 2010، وألمانيا 2014، وفرنسا 2018، أين أميركا الجنوبية؟ أين البرازيل والأرجنتين؟ هل أفل نجم المدرسة اللاتينية؟ ماذا حدث؟ فحتى عام 1970 كانت الموهبة البرازيلية أو اللاتينية تهزم نظيرتها الأوروبية في أي مواجهة فردية بالملعب، ومع تطور اللعبة وبدء عصر المساحات الضيقة، تجلت قدرة مهارة اللاعب الفرد في التوصل إلى الحلول، ولكن عندما دخلت كرة القدم عصر القوة واللياقة والسرعة والأداء الجماعي بكل تفاصيله، تراجعت المهارات اللاتينية.
** الأوربيون على مدى تاريخهم يتعلمون ويتطورون، هكذا علمتهم ويلات الحروب وخسائرها، وهكذا تعلمت من هزائمها في ملاعب كرة القدم.
تعلمت ألمانيا من الأمم الأوروبية في عام 2000، وتعلمت بلجيكا من غيابها عن المونديال، وتعلمت إنجلترا من ضعف منتخبها وتخلفه عن دائرة الألقاب.
** من أهم ما أدركته أوروبا بالبحث العلمي والدراسة، أن القوة وحدها لا تكفي، وأن اللياقة وحدها لا تكفي، وأن كرتهم بحاجة إلى مهارات ومواهب وسرعات مع القوة والصحة واللياقة والتكتيك والخطط، ففتحت القارة البيضاء أبوابها أمام المهاجرين والمستوطنين من أصحاب البشرة السمراء، بما يملكونه من مهارات فطرية تلقائية من طول العضلات أو السرعات.
** في المقابل ما زالت أميركا الجنوبية تعيش زمن بيليه ومارادونا، وترى أن ميسي أو نيمار هما تكرار لزمن مضى، ولم تطور الأرجنتين كرتها بمدربها الحالي، وعلى الرغم من أنها لعبت نهائي 2014.. إلا أنها حققت ذلك بقوة الدفع التاريخية، وقد عاد منتخب الأرجنتين للفوضى في الأداء، كما قال سيزار لويس مينوتي، فهو فريق أفراد لا يلعبون للفريق..
** خرجت ألمانيا حاملة اللقب من مونديال روسيا بخفي حنين، لكنها مكثت عشرة أشهر تدرس وتفهم وتسأل: لماذا؟ وتلك بديهيات أي تطوير وأي عمل، حتى لو كنت فائزاً ومنتصراً ومتقدماً فإن عليك أن تعرف لماذا.. ؟