بقلم: حسن المستكاوي
هناك حكمة قديمة تعلمتها تقول: «قل ما تراه صائباً اليوم حتى لو كان يتعارض مع ما قلته بالأمس».. والمعنى أنك لا يجب أن تتعصب لرأي لمجرد أنك صاحبه.
وكنت في السبعينيات من القرن الماضي، أرى أن المرأة عجزت عن أربعة أشياء تفوق فيها الرجل، وهي أن تكون ملحنة عبقرية مثل بيتهوفن، أو جراحة قلب مثل مجدي يعقوب، أو فيلسوفة مثل سقراط، أو لاعبة كرة قدم مثل مارادونا.. ولكنها لعبت كرة القدم وتفوقت، وأصبحت لها بطولات لكأس العالم وفي دوريات، وتعلمتُ ألا أطلق أبداً حكماً قاطعاً، خاصة أن المرأة اقتحمت كل مجالات الرجل، وأصبحت تصارع، وترفع الأثقال، وتفوقت، وأدركت أن العقل والمهارة هما الإنسان.
المرأة الآن هي شريكة الحياة والعمل والأمل، هي الطبيبة والمهندسة ورائدة الفضاء والمديرة وسيدة الأعمال والوزيرة ورئيسة الجمهورية في دول.
وكانت حكمت أبو زيد أول سيدة تتقلد منصب وزيرة في مصر، عندما اختارها الرئيس جمال عبد الناصر وزيرة للشؤون الاجتماعية في 25 سبتمبر 1962، واليوم تضم الوزارة المصرية 8 وزيرات، وأظن أن التشكيل الوزاري لدولة الإمارات يضم 9 وزيرات.
كما أن المرأة العربية تقلدت العديد من المناصب الرسمية، وعندما أطلقت الإمارات مسبار الأمل إلى المريخ، وهو مشروع علمي ودقيق، كان عدد من يعملون به 400 شخص، منهم 200 من أبناء الدولة، ومن هؤلاء نسبة 34 % سيدات، لكن بصفة خاصة يسعدنا أن تكون الوزيرة رياضية، حيث كلفت بطلة الجودو العالمية السابقة سليمة سواكري، بحقيبة وزارة الشباب والرياضة الجديدة في الحكومة الجزائرية، وهي أول امرأة من الجزائر والمجتمع العربي تشارك في الألعاب الأولمبية 4 مرات، وهو أمر صعب بالنسبة للأبطال الرجال في مختلف اللعبات، فهل هذه السعادة تحيز للرياضة؟ أعترف ربما.
عندما اختير الأديب والزميل الصحفي عز الدين ميهوبي لمنصب وزير الثقافة في الجزائر، كنا سعداء لأن صحفياً وأديباً أصبح وزيراً، وزادت سعادتنا لأنه زاملنا بالكتابة في المجال الرياضي لسنوات، وكان رئيساً لتحرير صحيفة الشعب الجزائرية في الثمانينيات من القرن العشرين.
الاحتفاء بالرياضيين والزملاء ليس فقط تحيزاً بلا منطق، وإنما هو إسقاط لفكرة أن الرياضي يفكر بعضلاته، وهي فكرة أثينية، نسبة للصراع القديم بين أهل أثينا وأهل إسبرطة، صراع الفكر والعضلات.
** لا فرق بين رجل وامرأة في العمل، وإنما نحن أمام إنسان وإنسان، أحدهما يتفوق حتماً في القوة الجسدية العضلية!