بقلم: حسن المستكاوي
«إنها خطوة صغيرة للإنسانية، وقفزة عظيمة للبشرية»..
كلمات نقلتها محطات التليفزيون لرائد الفضاء الأميركي نيل أرمسترونج، أول إنسان يمشي فوق سط القمر في 20 يوليو عام 1969..
أذكر أنني كنت مثل ملايين البشر، مبهوراً بالحدث، وأشعر أن المسافة بين عالمنا وبين هذا العالم المسمى بالأول سنوات ضوئية.. ولكن بعد عقود، كان لنا، نحن العرب، أول رائد فضاء وهو الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز.. وبعد نصف قرن من المشروع الأميركي للذهاب إلى القمر عبر رحلات أبوللو، وفي تاريخ قد يكون مقصوداً، في يوم 20 يوليو 2020، انطلق المشروع الإماراتي إلى المريخ، مقدماً لهذا الجيل من أطفال العرب إلهاماً لم نحظ به نحن أبناء جيل الستينيات.. قدم مسبار الأمل، لأجيالنا القادمة أنه لا شيء مستحيل، وأن دخول عصر الفضاء ممكن، وأنه ما دامت الإرادة متوافرة، فإن المستحيل سيكون ممكناً..
«يا رفاق، عندما تفكرون في عربي مثلي تماماً، فإنكم تفكرون في الجمل، في البترول، في الصحراء. هذا كل ما نراه في هذا الجزء من العالم».
بتلك الكلمات بدأ الفيلم الترويجي القصير عن رحلة مسبار الأمل. وقد تذكرت رحلة قمت بها إلى إنجلترا عام 1973، عندما كنت طالباً في الجامعة، وتوجهت إلى مدينة كينجز لين في نورفولك شرق إنجلترا، للعمل في مزرعة لزهور التوليب ويملكها رجل هولندي. وكانت المزرعة قريبة من قاعدة جوية للطائرات الحربية، وفي تلك الأيام كنت مغرماً بهذا الطائرات «وما زلت»، وأراقبها بانبهار وإعجاب، كلما انطلقت في سماء المنطقة في أعمال تدريب، وفى إحدى المرات شاهدني زميل إنجليزي يعمل معنا في المزرعة، أتابع الطائرات بانبهار، فقال لي: «طائرة.. إنها طائرة. كيف حضرت إلى هنا.. كيف أتيت بالجمل إلى هنا؟!».
يومها قررت أن أداعبه، عقاباً له، قبل أن أبلغه بالحقيقة، فوصفت له رحلتي الطويلة التي قمت بها من قلب صحراء القاهرة عبر سيناء وفلسطين والشام وتركيا، وصولاً إلى فرنسا، حيث تخليت عن الجمل لأعبر المانش في سفينة إلى الشاطئ الإنجليزي. وبعد أن قطعت أنفاسه بالرحلة التي شرحتها. سكت لحظة وقلت: «حضرت إلى هنا بطائرة نفاثة طراز بوينج 707 في رحلة مباشرة من القاهرة إلى مطار هيثرو..».
** ما زلت أتذكر الدهشة التي ارتسمت على وجهه حين أخبرته بأنني حضرت بطائرة.. لكن ترى، ماهو التعبير الذي سوف يرسمه وجه زميلي الإنجليزي حين يعلم أن دولة الإمارات العربية أرسلت سفينة فضاء إلى المريخ؟!