بقلم - حسن المستكاوي
سوف يخرج الإنسان من حربه ضد فيروس كورونا الخسيس أكثر تواضعاً وأكثر عقلاً، وأكثر نقاءً.
لقد جعل الفيروس البشرية كلها فى سفينة واحدة، وأظن أنها المرة الأولى التى يعيش الإنسان فيها حالة واحدة، ومعاناة واحدة، وحرباً واحدة منذ أن ضربت الأنفلونزا الإسبانية الكوكب عام 1918، وأصيب بالعدوى ما يقرب من 500 مليون إنسان، سقط منهم ملايين الضحايا.
ومنذ شهر ديسمبر عام 2019، يواجه الإنسان بضعفه وغروره العدو الذي لا يعرفه ولا يراه، وينتشر بسرعة النار في الهشيم بين الناس وفي 210 دول، متخفياً، فيرد الإنسان بأسلحة بدائية، الماء والصابون، وبعض المطهرات، في انتظار أسلحة الدمار الشامل.. اللقاحات مختلفة الأنواع.
أصاب الفيروس الاقتصاد العالمي وحركة التجارة، وحركة الطيران ومختلف الصناعات، في مقتل، ومنها بالطبع صناعة الرياضة وكرة القدم، فالخسائر بالمليارات، وألغيت بطولات، ودورة أولمبية، وبطولات كأس العالم للشباب وللناشئين، ولم يستسلم البشر للهزيمة، ولم يرفع الرياضيون رايات الاستسلام وراية اليأس، فاستمرت بطولات أخرى، ولعبت مباريات، على الرغم من غياب الجمهور وغياب البهجة، باللعب تحت صوت الصمت، وأمام مدرجات خالية.
فى بدايات زمن كورونا أو عام كورونا، كنا لا نعرف ماذا نواجه؟ ما هو هذا العدو؟ وأيامها قال جوارديولا إنه يفضل تأجيل بعض المباريات بدلاً من اللعب.
وتساءل هل تنجح كرة القدم بدون جماهير؟
قاومت الرياضة، وقاومت كرة القدم العزلة التي كاد يفرضها الفيروس على المباريات، وعلى الكثير من الأنشطة، وابتكر العلماء والأطباء وسائل تسمح للإنسان بممارسة اللعبة الشعبية الأولى، وبعض الألعاب الأخرى وأصبح تعبير «الإجراءات الاحترازية» أشهر جملة قيلت في عام 2020 بكل لغات العالم، لكن مشهد كرة القدم دون الجمهور سحب البهجة والسعادة.
ولم تعوض أصوات الهتافات المسجلة القادمة من زمن مضى، ومن مباريات مضت عشاق تلك الرياضة، وكل الألعاب ما سلبه غياب المشجعين من زخم، وانفعال، وحياة، فبدت كل الدوريات وكل المباريات كأنها تقام لأشباح، تحوم حول المدرجات والملاعب والرؤوس في خجل، وتردد وخوف.
خسرت الرياضة مليارات الدولارات، لكن الأهم أنها خسرت الحيوية والحياة، وهتافات المشجعين التي تهز المدرجات كهزيم الرعد.
للروائي الكولومبي الراحل جابرييل جارسيا ماركيز رواية شهيرة بعنوان: «الحب في زمن الكوليرا»، أشاع فيها المحب، بأن السفينة التي تحمله مع محبوبته، تعاني من وباء الكوليرا، شيء يشبه اللعب في زمن كورونا!
** انتصر الحب في رواية ماركيز.. سوف ينتصر اللعب في عام الإجراءات الاحترازية.