بقلم: بدر الدين الإدريسي
نظلمهم حين نهوي بهم إلى سراديب النسيان، فلا نذكر لهم أثراً في إنجازات منتخباتهم أو أنديتهم.. نجني عليهم عندما نرميهم بسهام النقد الجارحة لأنهم أخطؤوا في صد كرة أو أنهم فشلوا في الإبقاء على شباكهم نظيفة.. ويوجعنا القلب قبل الضمير عندما نقف على مضاضة الظلم الذي أصبناهم به، فنعترف بأن حراس العرين يستحقون منا كلمات تقدير لعلها تجبر الخاطر، لأنهم يكونون في الغالب كلمة السر في انتصارات أنديتهم.
مع نهاية نهائي أوروبا ليج بالتتويج السادس لاشبيلية، فرسان الأندلس، طلع كونتي مدرب الإنتر المهزوم ليقول: «سنذكر كثيراً كرة المباراة التي أنقذها المغربي ياسين بونو من انفراد واضح للوكاكو، لو سجلنا ذاك الهدف وتقدمنا مجدداً في النتيجة لانتهى الأمر».
ومع إسدال الستار على دوري أبطال أوروبا بالتتويج السادس لبايرن ميونيخ باللقب الأغلى أوروبيا، خرج توخيل مدرب باريس سان جيرمان حزيناً، ليقول: «كنا نعرف أننا سنواجه ماكينات تشتغل بلا هوادة وبسعار غريب، لكن من حظنا السيئ أننا واجهنا نويير في أجمل أيامه، لقد كان حاسما بل ووحشا في المباراة».
كان للنهائيين الأوروبيين مهاجمون بارعون في التسجيل من أنصاف الفرص، ورجال وسط جاسوا الملعب بالطول والعرض وانتشروا كالعسس، ومدافعون نصبوا الجدارات الواقية وحبسوا الأنفاس، ولعب جماعي يكشف حالة النبوغ التكتيكي التي وصلتها كرة القدم، ولكن من علوا فوق الجميع وكانوا بالفعل هم المفاتيح السحرية حراس المرمى، وكم نحن سعداء بأن يكون بينهم حارس مرمى عربي ومغربي هو ياسين بونو!
لم يكن ياسين الذي يذكرنا بالأسطورة الزاكي بادو، نجم مباراة النهائي فقط، بل كان نجم المباريات العشر التي خاضها مع ناديه اشبيلية في منافسة أوروبا ليج، برغم أنه قبل جائحة كورونا كان يحمل صفة الحارس الاحتياطي فقط، أنجز بونو 27 تصدياً في المباريات العشر، 6 منها فقط في مباراة الدور نصف النهائي أمام العملاق مانشستر يونايتد، وأبعد ضربة جزاء في مباراة وولفرهامبتون في الدور ربع النهائي وحافظ على نظافة شباكه في ست مباريات.. وكان في هلامية الأداء وفي براعة التصديات صورة من العملاق الألماني مانويل نويير الذي كان رقماً صعباً في معادلة النجاح الباهر الذي حققه بايرن ميونيخ هذا الموسم بتتويجه بالثلاثية.
وكم كان مثيرا للدهشة أن نويير الذي ضربته الإصابة قبل ثلاثة مواسم، ومن النقاد من تحدثوا عن نهايته، عاد كالوحش ليحمل بايرن كالإعصار ويضرب به كبار القارة! كان نويير حاسماً في موسم التألق البافاري بـ 21 كلين شيت وبـ 71 بالمئة من التصديات الحاسمة في موسم البوندسليجا.
ياسين يونو ومانويل نويير وكل حراس العالم.. اقبلوا اعتذارنا.. فما أكثر ما ظلمناكم إعلاميا!