بقلم: بدر الدين الإدريسي
اطلعت بكثير من الإمعان على مخرجات الخلوة التي دعا إليها مجلس اتحاد الكرة الإماراتي، تكريساً لثقافة التشاور والحوار، ونزولاً عند الحاجة الماسة إلى إعادة صياغة الأسئلة بشكل متقدم عن المخارج التي تساعد الكرة الإماراتية على مبارحة المنطقة الممغنطة، والتي تجذب باستمرار إلى المحصلات السلبية.
ووجدت أنه من الضروري أن أتحدث هنا عن ثلاث رافعات للاستراتيجية المندمجة والمتطابقة التي تحتاج إليها الكرة الإماراتية في زمنها القريب والممتلئ بالرهانات والتحديات، ثلاث رافعات حضرت بشكل كبير في مبنى الخلوة التي كان من المؤسسين لنقاشاتها، سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، وجياني إنفانتينو رئيس الفيفا، والشيخ سلمان بن إبراهيم رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.
أولى هذه الرافعات، هي رافعة الحوار الذي ينفتح على قيم فكرية عالمية، بغية الاستنباط ومقاربة الحلول، وأشهد بأن مجلس إدارة الاتحاد الجديد، بقيادة الشيخ راشد بن حمد النعيمي، جعل من التقييم والانفتاح على تجارب الآخرين، زاداً فكرياً أكثر منه ترفاً، لاعتماد استراتيجية تضمن نسباً عالية من النجاح، استراتيجية تقوم على قاعدة التجربة، وتأخذ بالخصوصيات الرياضية والفكرية والبيئية لدولة الإمارات، والحال أن فضيلة النقاش والمصارحة والتعمق في قراءة التجارب المثمرة، أنتجت اليوم ما يمكن اعتباره متاعاً رياضياً، يساعد ليس فقط على إبداع المنظومات، بل على حقنها بلقاح النجاح.
أما الرافعة الثانية، فهي انخراط كل القوى الحية في الإمارات لبناء الاستراتيجية، بما يؤكد أن هناك تعبيراً متجدداً عن إرادة قادة الإمارات، في جعل كرة القدم من الدعامات القوية للمشروع التنموي المتجدد، وأهمية انخراط القوى الفاعلة والمؤثرة في هذه الورش الحيوية، تكمن في أن أي استراتيجية لا تستلهم نجاحها من بنيتها وفسيفسائها، ولكن أساساً من جعلها ضلعاً في السياسات العمومية، فكم من استراتيجية خرجت رائعة ومشعة بالأمل من رحم التفكير المعقلن والمقاربة الحكيمة، ولكنها ماتت في مهدها بسبب أنها افتقدت لماء وحليب الحياة.
والرافعة الثالثة هي أن الاتحاد الإماراتي لكرة القدم، آمن بالمطلق أن كل استراتيجية لا تقوم على النفاذ للعمق بهدف إصلاح الأعطاب الموجودة في القاعدة، وإزالة التشوهات الملتصقة بالمنظومة الاحترافية، وتجاوز الأنماط التدبيرية المتقادمة في الأندية، كل استراتيجية غايتها تنميق قمة الهرم، بالمبالغة في الاهتمام بالمنتخبات الوطنية وبصف الكبار داخل الأندية، مآلها الفشل الذريع؛ لأن لا خير يرجى من قمة هرم كروي قاعدته هشة ومتقادمة، حتى لو هبت رياح نتائج لحظية، هي في النهاية نتاج للصدفة لا غير.
شخصياً، يملؤني اليقين بأن خلوات الاتحاد الإماراتي لكرة القدم اختلفت عما سبقها، فقد تحولت إلى منصات تضع التفكير والتفكر والتدبر أساساً للاشتغال ولبلورة الاستراتيجية المبحوث عنها منذ زمن بعيد.