درس للتاريخ

درس للتاريخ

درس للتاريخ

 صوت الإمارات -

درس للتاريخ

بدر الدين الإدريسي
بقلم: بدر الدين الإدريسي

مشهد عامر بالمتناقضات، وكأنه فصل من كوميديا اللامعقول، ذاك الذي شاهدته بملعب «الأليانز أرينا»، المعقل الخالد لبايرن ميونيخ، في مباراة لعبها «الغول البافاري»، وهزم خلالها مونشنجلادباخ، ليتوج بلقب «البوندسليجا» للمرة الثامنة توالياً، وللمرة الثلاثين في تاريخه.
لم يكن هذا المشهد في حد ذاته، هو ما أثارني، وكيف يثيرني، وقد أحكم البايرن -على عادته- قبضته على الدوري الألماني، وسحق كل إثارة بقيت.. ولم يكن مشهد خلو ملعب «الأليانز أرينا» من الموسيقى الصاخبة التي تحدثها أصوات 75 ألف متفرج، وهم يغنون لعملاقهم، كلما أطل عليهم، ليقدم فاصلاً من عروضه الجميلة، هو ما جذبني إليه، ولكن ما أظهرته الكاميرا في لحظة، وهي تجول في المدرجات الفارغة من سيمفونياتها ولحنها الجميل، لتظهر وهم جلوس في مقاعد متباعدة، كلاً من رومينيجه، أولي هونيس وأوليفير كان، وبين حين وآخر يظهر في هذا الملعب مدعواً «القيصر» بيكنباور، كل هؤلاء نجوم وأساطير مروا من قلعة البايرن، صنعوا سحر وجمال زمن من الأزمنة الرائعة للفريق «البافاري»، خلدوا أسماءهم في الذاكرة، ولكنهم لم يصبحوا مجرد ذكرى من الماضي «التليد»، إنهم وغيرهم كثير ممن يعملون في الكواليس، ماضي وحاضر ومستقبل البايرن، بل إن مصير هذا النادي بأيديهم.
أصبح البايرن عملاقاً اقتصادياً، ولكن من دون أن يضحي بتاريخه ولا بمرجعياته، بل إن هذه المرجعيات هي ما يصنع البيئة الكروية التي تشعر كل لاعب قادم إلى «الأليانز أرينا»، بأنه أصبح جزءاً من منظومة لا معنى فيها للحاضر ولا للمستقبل من دون ماضٍ، وكل من جاء ويأتي إلى البايرن، يشعر بأنه مهما قضى من السنوات في حضرة العملاق، سيرحل ولكنه سيبقى، ولهذا الفريق فلسفة فريدة من نوعها في الاعتراف بالعازفين الحقيقيين، إنه يعتبر نجومه وأساطيره إرثاً، وليس وعاءً للمشاكل.
طبعاً، لم تكن هذه المرة الأولى التي تصيبني فيها الدهشة، مما أرى في «الأليانز أرينا»، فقد قُدر لي وأنا أستضاف من إدارة البافاري، كإعلامي مغربي، عام 2013، والبايرن متأهل بطلاً لـ«القارة العجوز» للحضور إلى المغرب، مشاركاً في مونديال الأندية التي سيحقق لقبها، أن أقف على ما دعم لدي الاعتقاد، بأن البايرن حالة قد لا تكون استثنائية، ولكنه حالة خاصة في بناء فلسفة تجعل من التاريخ هو القائد الفعلي لرحلة الحاضر ولبناء المستقبل، فمن يدير البايرن اليوم وقبل اليوم، أساطيره الذين كتبوا بالعرق، وبسحر الأداء، كل الملاحم التي يفخر بها عشاق النادي.
إنهم لا يتصدقون على أساطيرهم، ولا يعتبرونهم جزءاً من التاريخ، ولا يصففونهم في المتاحف مثل «المومياء»، بل يجعلون منهم ذاكرة، بها يتألق الحاضر ويتبسم المستقبل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

درس للتاريخ درس للتاريخ



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 09:42 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

"بيوتي سنتر" مسلسل يجمع شباب مصر والسعودية

GMT 22:57 2019 الأربعاء ,06 آذار/ مارس

بن راشد يعتمد 5.8 مليار درهم لمشاريع الكهرباء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates