بقلم - بدر الدين الإدريسي
ع-إذا كان الهولندي مارفيك يعود للإشراف على الإدارة الفنية لـ«الأبيض» الإماراتي بحجة أنه الأنسب للمرحلة الحالية، فلماذا جرى ترحيله قبل سنة من الآن، إن لم يكن بسبب سوء حصاده الرقمي؟
شيء ما يحدث، لا أستطيع أن أفهمه في هذه العودة المحمولة على كثير من الجمل العرضية، فإما ألا يكون الاتحاد الإماراتي قد وجد أفضل من مارفيك لتدبير مرحلة دقيقة وصعبة، تذكرون أنني نصحت بأن يكون فيها اللجوء لخبرة فنية عارفة مسبقاً بخصوصيات الكرة الإماراتية، لمدرب لا يستهلك منه التعرف على هذه الخصوصيات زمناً طويلاً، وإما أن يكون الاتحاد بقيادته الحالية قد توصل إلى أن الانفصال عن مارفيك من خلال سلفه، برغم ما تكالب في زمنه من نتائج مخيبة للآمال، كان عين الخطأ وكبده.
الغريب أن مارفيك يعود للمنتخب الإماراتي، وهو لم يبارح مكانه على مستوى مجموعته الإقصائية المونديالية والآسيوية، فكل ما خاضه بديله الكولومبي بينتو وديات كشفت على السريع محدوديته في حلحلة أزمة التشكيل الفني لهوية اللعب، وقادتنا جميعاً إلى اليقين الكامل بأن الاستمرار مع الكولومبي، مضيعة كبيرة للوقت، ونسف لما بقي من أمل في حدائق الأحزان.
عدت لقراءة ما قاله مارفيك عند تعيينه مدرباً لـ«الأبيض» للمرة الأولى في مارس 2019، وقد كان قادماً من تجارب رائعة مع منتخب بلاده ومع «الأخضر» السعودي، فوجدته يتفنن كغيره من الناخبين في رص جمل التفاؤل، وحشد عبارات الجزم بأن العمل سيكون احترافياً، إضافة إلى تسويق الأمل في رؤية أبيض يتصدر مشهد التصفيات الآسيوية، ويصل للمرة الثانية لنهائيات كأس العالم بعد 32 عاماً من الانتظار.
من غير المستبعد أن يعيد مارفيك على مسامعنا هذه اللازمة، مع تغيير طفيف في حركات رفع المعنويات، وتسكين الخوف ونصب جسور الأمل، فالاختلاف الموجود بين المرحلتين، أن الرجل يعرف البيئة الكروية، ويدرك من أي طبيعة هو هذا التحدي الذي يقبل عليه، إذ سيكون عليه أن يصحح ذات العرج الذي ترك عليه «الأبيض» في سباق التصفيات، وقد تسببت خسارتان في حلوله رابعاً في مجموعته، وباتت المباريات القادمة حاسمة ومصيرية، ولكي يتغير «الأبيض» إلى الأفضل ليصبح رقماً صعباً في معادلة التنافس على المقاعد المونديالية قبل الآسيوية، فإن هناك حاجة لرؤية ثورية لا نمطية فيها، رؤية تحيك للأبيض الجلباب التكتيكي الذي يتناسب مع ممكناته البشرية، بخاصة مع وجود لاعبين مهاريين من أمثال عمر عبد الرحمن وعلي مبخوت وكايو وتيجالي.
هل بمقدور مارفيك أن يأتي بهذه الأشياء كلها في توقيت صعب ودقيق، وقد قالت وقائع سابقة أنه فاقدها؟ إن حدث ذلك، سيكون مارفيك خلال السنة التي قضاها بعيداً عن «الأبيض» قد أمسك بالخيط الذي كان ضائعاً.