التواضع الكاذب

التواضع الكاذب!

التواضع الكاذب!

 صوت الإمارات -

التواضع الكاذب

بدر الدين الإدريسي
بقلم - بدر الدين الإدريسي

عندما يكون ضرورياً أن يعاقب فريق منافسه على تهوره ورعونته وعدم احترامه لقواعد كرة القدم أو إخلاله بالواجبات التكتيكية، التي تزداد تشابكاً وتعقيداً مع التطور المطرد لمنظومات اللعب، يجب عليه أن يفعل ذلك بلا هوادة، بل وأن لا تأخذه بالمخطئ رحمة ولا رأفة، فليس في الأمر أي نوع من السادية، ولا فيه لذة مرضية في تعذيب الآخر، ولا صلافة من قبل فريق لا يرحم عزيز قوم ذل..
كان من الممكن أن توقف «الماكينات» الألمانية أداة التعذيب والإهانة، وهي تقابل منتخب البرازيل في نصف نهائي كأس العالم 2014 بالبرازيل، أن تكتفي مثلاً بأربعة أهداف، وترق لحال القلوب الممزقة والعيون التي أدمتها الدموع، وترحم عزيزاً ذل وسط قومه، ولكنها زادت في غلغلة السكين وألحقت براقصي السامبا الخسارة الأكثر إيلاماً، بسباعية، أبداً لن تسقط من الذاكرة! وكما أن الألمان لم يروا في فوزهم الهلامي إعلاناً عن نهاية السحر البرازيلي ولا رأوه مدعاة للتفاخر الزائف، فإن البرازيليين التهموا سريعاً الوجع والعار، وبدؤوا في العمل على عللهم التكتيكية، وعندما قاموا سريعاً من كبوتهم، شكروا الألمان لأنهم دلوهم على طريق التغيير والتحلل من الأخطاء والخروج سريعاً من السراديب.
وعندما واجه بايرن ميونيخ الألماني برشلونة الإسباني، في ربع نهائي النسخة الأخيرة لدوري الأبطال، وقال علم القياس بوجود فوارق تكتيكية يجب أن تعكسها المباراة، استجاب الألمان باحترافية كبيرة لهذا النداء الخفي، ولم تأخذهم رأفة ببرشلونة الفريق المريض، وألحقوا به خسارة بثمانية، وصفها أدباء كرة القدم تارة بالعار وأخرى بالفضيحة والخزي، وأبعد وأبلغ من هذه التوصيفات العاطفية، أعطى البايرن البرشلونيين الكشف الأكلينيكي، الذي سيقنعهم بأن برشلونة «تيكي تاكا» ذهبت إلى غير رجعة.
في مشهدنا الكروي العربي، قليل من هذا الذي نجده معبراً عنه بالنتائج والمحصلات والنتائج المبهرة في المشهد الكروي الأوروبي، حيث لا مكان للعواطف ولا مزايدة في تنزيل الاحترافية في تدبير التفوق الفني والتكتيكي، وكثير مما ترفضه هذه الاحترافية، من المغالاة في إبداء الاحترام والاستهتار بلحظات القوة وبالتفسير الخاطئ للتواضع، فليس تواضعاً أن يفوز فريق بهدفين في مباراة كان يجب أن يفوز فيها بالستة وبالسبعة. وليس تواضعاً أن لا يعاقب فريق، منافساً على سوئه ورعونته وخروجه عن النص، وألا يدله على أخطائه وداءاته، ليس تواضعاً ألا يعرى فريق عن الخرق السافر لقواعد التباين والفروق الفنية والتكتيكية، التي يقوم عليها القياس الكروي، فكم من دروس فوتتها أندية على أخرى، وكم من حاجة للتعرية والكشف عن أخطاء وعلل وأعطاب قضت، للأسف، أندية بتركها، فجنت على نفسها وعلى غيرها، باسم التواضع الكاذب! 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التواضع الكاذب التواضع الكاذب



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 09:42 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

"بيوتي سنتر" مسلسل يجمع شباب مصر والسعودية

GMT 22:57 2019 الأربعاء ,06 آذار/ مارس

بن راشد يعتمد 5.8 مليار درهم لمشاريع الكهرباء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates