بقلم - مصطفى الآغا
يوم الأربعاء كان يوماً حزيناً لي شخصياً، ولملايين عشاق كرة القدم في العالم، لأنني قبل أكثر من ثلاثين عاماً شاركت مع الراحلين عدنان بوظو وطيب صفوة، في كتاب حمل عنوان «أيهما الأسطورة بيليه أم مارادونا»، ووقتها تعمقت في شخصية هذا الرجل المثير للجدل، كيفما اتجه وأينما ذهب.. وقد يكون مارادونا اللاعب الأكثر جدلاً في التاريخ، كما كان اللاعب الأكثر مهارة أيضاً.
أما العالم فقد ذرف الكثيرون الدمع على رحيله المبكر بسكتة قلبية أوقفت مسيرته، التي كانت بكل المقاييس حافلة بالإنجازات والألقاب والمشاكل والقصص، ولكن وبكل فخر أقول، إن الإمارات كان لها حصة في هذا النجم «الأسطوري»، حيث عاش فيها ودرب أنديتها، وعرض حتى تدريب منتخبها، وتشرفت أكثر من مرة بتقديمه في احتفاليات مجلس دبي الرياضي، كسفير لدبي التي سكنها وسكنته.
الغريب هو حالة البعض الذين انبروا للدفاع عن ميسي أو رونالدو، أو غيرهما من النجوم، عندما نعى الكثيرون مارادونا، ووصفوه بأنه أعظم لاعب أنجبته كرة القدم، فيما اختاره «الفيفا» مناصفة مع بيليه كلاعبي القرن العشرين، أي منذ 1930 وحتى 2000، والأغرب هي تغريدات الاستهجان للحزن عليه من البعض؟
أنا شخصياً أفتخر أنني عشت في زمن أعجوبة كروية مثل مارادونا، وللأسف كنت صغيراً أيام بيليه، ولم يكن البث التلفزيوني بمثل تلك القوة أيام مارادونا، وهذا ما ظلم بيليه قليلاً، ولكن بيليه لعب بجوار عمالقة أمثال جارنيشيا وجيرزينيو وزاجالو وجيرسون وريفيلينو وتوستاو وباولو سيزار وإيدو، وغيرهم ممن عاصرهم عبر تاريخه الحافل، ويكفيه أنه اللاعب الوحيد المتوج ثلاث مرات بكأس العالم، ومن تخطى حاجز الألف هدف ذو سيرة حسنة، ولكن يبقى مارادونا حالة خاصة بكل عنفوانه ومشاكله وإخفاقاته ومآسيه وتعاطيه وعلاجه، فهو اللاعب الذي صنع مجداً لبلاده ولنابولي من «شبه فراغ»، فلم يكن لديه مثل من لدى ميسي أو بيليه أو رونالدو، ولهذا اعتبره الكثيرون خارج كل النصوص.
وبكل الأحوال الرجل انتقل إلى جوار ربه، وكنا نتوقع رحيلاً هادئاً من دون جدل ونقاشات، ولكن يبدو أن قدر مارادونا أن يبقى مثيراً للجدل حتى في رحيله.